الخميس 19 رمضان 1445 هـ :: 28 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

لقاءات مع الشباب 3


عناصر المادة
المرحلة الثانوية ليست مقياساً لنبوغ الشاب
التأكيد على مسألة الإخلاص لله تعالى
الدراسة من أجل تعلُّم العلم لا من أجل الشهادة
عدم الاهتمام بنظرة المجتمع

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بما أنكم أنتم تدرسون في الأقسام الشرعية، فهناك كلمة بسيطة أوجهها بمناسبة التقائي بكم وأنتم من هذه الأقسام نحن نعلم أن اتجاه الكثير من المتفوقين من الشباب في المرحلة الثانوية يتجه إلى الأقسام العلمية غير الشرعية مثل الطب والهندسة والعلوم ونحوها، ولا شك أن اتجاه المتفوقين أو الأذكياء من الطلاب إلى هذه الأقسام جعل هناك نقصًا في عدد الشباب المؤهلين لحمل العلم الشرعي في الأقسام الشرعية، وإن كان من ثمار هذه الصحوة المباركة أن عدداً من الشباب المتفوقين في المرحلة الثانوية قد اتجهوا إلى الأقسام الشرعية مؤخراً، وهذا والحمد لله شيء يعكس الرغبة في دراسة العلم الشرعي، ويعكس أيضاً الاهتمام بهذا العلم، والرغبة في دراسة دين الله والإعراض عن زخرف الحياة الدنيا في مقابل ما يحصّله الشخص من الأمور التي يتفقه فيها في دين الله. 

ولذلك فإنني أدعو الشباب الذين دخلوا الأقسام الشرعية إلى أمور:

المرحلة الثانوية ليست مقياساً لنبوغ الشاب

00:00:00

أولاً: الإشارة لما مضى من الكلام قبل قليل لا نجزم أن الشباب الذين كانت معدلاتهم في المرحلة الثانوية منخفضة، أنهم ليسوا من أذكياء الشباب، أو ليسوا من النابغين؛ لأن الوضع الدراسي في الثانويات لا يساعد كثيرًا على نبوغ كل الأذكياء فيه، بل إن الظروف التي هي محيطة بواقع الشباب من جهة التفوق الدراسي لا تؤهل أو لا تدفع بكثير من الأذكياء إلى أن يكونوا من المتفوقين، وبالتالي فإننا نتوقع أن عدداً من الشباب الذين دخلوا في الكليات الشرعية هم من المؤهلين لدراسة العلوم الشرعية بالرغم من مستوياتهم المتدنية نوعاً ما في الثانوية.

التأكيد على مسألة الإخلاص لله تعالى

00:00:00

والأمور التي أريد أن أذكر بها:

 أولاً: مسألة الإخلاص لله عند الدخول في هذا التخصص لأننا في الحقيقة التخصص هذا هو أخطر التخصصات على الإطلاق، وهو أعظم التخصصات على الإطلاق، وهو أفضل أنواع العلم الذي يدرسه الإنسان "علم الشريعة"، وإن كان الناس جهلوا قدره في هذه الأيام لكن منزلته في الدين تفرض على الشاب المسلم أن يقدر الأمر قدره.

الدراسة من أجل تعلُّم العلم لا من أجل الشهادة

00:00:00

والمسألة الثانية هي أن يقوم الأخ أو الشاب الذي يدرس في الكليات الشرعية بواجبه من جهة تعليم ما يتعلمه لأهله أو للمجتمع، من جهة الحرص على الفهم وليس الدراسة من أجل النجاح، وكثير من الذين نبغوا في العلوم الشرعية من الشباب الذين هم في الكليات الشرعية لم يعتمدوا على المنهج فقط الذي يُدرّس لهم، وإن كان في بعض الحالات ينبغي عدم الاستخفاف بالمنهج؛ لأنك على سبيل المثال: أقول: إذا كان من المقرر مثلاً دراسة حاشية الروض المربع ، وتفسير الشوكاني، أقول: إن الكتب المقررة لو أن الشباب درسوها دراسة جيدة فإنها ستعطيهم ذخيرة لا يُستهان بها من العلم، لكن الذي يحصل أنهم يدرسون لأجل النجاح، ثم يرمون بهذه الكتب والمقررات، فينسون ما مضى وما درس، وينبغي أن تعامل المناهج التي تدرس في الكليات الشرعية بعد النجاح لا كمعاملة المناهج التي تُدرّس في أنواع العلم الأخرى، كالطب والهندسة؛ لأن العلم الذي مضى واختبرت فيه هو علم لا يزال حيًا، المفروض أن يكون في نفسك من أجل جلالته، ومن أجل أهميته وحاجتك إليه الآن وفي المستقبل.

ثم إن الاقتصار على الكتب الجامعية أيضاً يحدد من نظرة الشخص، وقد يكون فيه نوع من دنو الهمة وإن كان أعود وأقول: إنها لو استوعبت استيعاباً جيداً ففيها خير عظيم خصوصاً إذا كانت من كتب أهل السنة والجماعة، والأمر الآخر أيضاً الذي أنصح به الإخوان الذي يدرسون في الكليات الشرعية: أن يكون الاهتمام بتحصيل العلم فيه إخلاص يطغى أو يجنب الإنسان الوقوع في حسد الأقران مثلا أو الوقوع في طلب الشهادة أو طلب المناصب كالقضاء وغيره أو أن يشار إليه مثلاً بالبنان في المجتمع على أنه مثلا طالب علم ونحو ذلك.

عدم الاهتمام بنظرة المجتمع

00:00:00

وكذلك إذا كان المجتمع ينظر بنوع من التدنّي لطالب العلم الشرعي فإن طالب العلم الشرعي عليه أن يعتز بدراسته وأن لا يأبه بنظرة الناس إليه؛ لأن نظرة الناس في الغالب دنيوية، والشخص الذي يحتسب الدراسة لوجه الله لا يهتم بأن يقول عنه الناس أو حتى بعض الوالدين: هذا التخصص ما يجعلك تأكل العيش، ولا يجعل لك مجالاً للرزق ونحو ذلك، والعلم الشرعي الإقبال عليه في ازدياد، وحاجة الناس للعلم الشرعي في ازدياد؛ لأن الجهل عظيم، وكل طالب علم شرعي معناه أنه يسد ثغرة في المجتمع، لكن أنا ألاحظ أن هناك نوع من التكدُّس في بعض المتخرجين من الكليات الشرعية تكدُّسًا يمنع من استغلال طاقات في المجتمع وبروزهم، فقد يكون بعضهم يصلح للخطابة فلا يتقدم للخطابة، وبعضهم يصلح لإقامة دروس فلا يقيم دروساً، وبعضهم يصلح للدعوة في الخارج فلا يذهب للدعوة في بعض البلدان الإسلامية في الإجازات، وبعضهم يصلح للدعوة في القرى والهجر ولا يذهب فيعلّم ما عنده، وبعضهم يصلح لإقامة دروس علمية خاصة لبقية الشباب فلا يقوم بأداء هذه المهمة، وبعضهم قد يصلح في التأليف، فيُترك المجال للغثائيين لكي يكتبوا وينشر ما عندهم، وبعضهم يصلح للردود على المبتدعة أو العلمانيين، فلا يفعل ذلك، المجالات أمام طالب العلم الشرعي كثيرة جدًا، لكن هناك نوع من احتقار النفس أحيانًا، والجبن أحياناً، والخذلان الذي يصيب النفس والعياذ بالله، والتراجع عن المواقع المهمة التي ينبغي أن يُخدم فيها دين الله، وهذا لا شك أنه من العلامات السلبية الموجودة، وأكتفي بهذا القدر وهذه كلمة قصيرة عن الموضوع.