الجمعة 11 شوّال 1445 هـ :: 19 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

صفة الوضوء - الدرس الثاني


عناصر المادة
تمييز العبادات عن العادات
تمييز العبادات عن بعضها

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبّع سبيله إلى يوم الدين، ونسأل الله أن يتقبّل منا صلاتنا، وكانت تذكرة من الله لعباده بهذا الخسوف الذي ذهب به نور القمر، فإن الكسوف ذهاب ضوء الشمس، والخسوف ذهاب نور القمر، وهو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا، ويطلق الخسوف على الكسوف والعكس، فالإطلاق واسع، فيقال: الكسوف ويُقصد به أيضًا خسوف القمر أو العكس، والنبي ﷺ صلّى الكسوف - كسوف الشمس - في عهده صلاة طويلة جدًا حتى أن أسماء - رضي الله عنها - لما صلّت خلفه غُشي عليها أثناء الصلاة وكان بجانبها قربة ماء، فجعلت تأخذ من الماء وتنضح على رأسها ووجهها حتى تقاوم الغشي الذي حصل من طول القيام؛ لأن النبي ﷺ قرأ فيه البقرة وآل عمران، وصلّى صلاة طويلة جدًا، ولا تشترط الصلاة حتى ينجلي الخسوف، ولكن استيعاب الوقت بالصلاة والذكر والدعاء والتكبير والاستغفار، وكذلك تُشرع الصدقة والعتق عند الخسوف، فإذن، هذا الخسوف تذكير من الله لعباده بما يكون في اليوم الآخر؛ لأن الشمس والقمر يوم القيامة يذهب نورهما:  إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ  [التكوير: 1]، فتلف ويذهب ضوؤها وقال الله تعالى: فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  [القيامة: 7 - 9]، فإذن، ما نراه هذا فيه تذكير لنا بيوم القيامة، ولذلك يخوّف الله عباده بالخسوف والكسوف؛ لأنه مشهد يقرّب لك ويذكّرك بيوم القيامة، كما أنه من جهة أخرى يخوّف عباده بتغيير الحال، فكأن هذا الحدث يقول للعباد بلسان الحال : كما تغير حال الشمس والقمر، فإن الله قادر على أن يغير عليكم الحال، فالله يغير على الناس إذا غيروا فقد تتغير الصحة والمال والأمن إذا كفروا بنعمة الله عليهم، فكأنه يقول لنا : غيّرت عليكم في الشمس والقمر على خلاف العادة التي اعتدتموها فاشكروني واذكروني وأطيعوني واعبدوني، حتى لا أغيّر عليكم نعمتي كما غيّرتُ عليكم ضوء الشمس ونور القمر.

ولذلك النبي ﷺ لما رأى كسوف الشمس خرج فزعًا إلى الصلاة يظنها الساعة، خرج فزعًا لدرجة أنه أخطأ في عجلته وفزعه وانشغال ذهنه، بدل أن يأخذ رداءه أخذ درع زوجته، أخذ حجاب الزوجة بدلًا من الرداء فأدرك بالرداء، يعني أدركه شخص من ورائه من خلفه، جرى وراءه بردائه ﷺ فهكذا إذن يجب أن يكون الخسوف والكسوف، فيه تخويف لنا، ونخرج فزعين إلى الصلاة، وندعو الله، ونستغفره ونتوب إليه، ونذكره ونكبره، ويكون عندنا في قلوبنا خشية قيام الساعة، يعني الخوف من ذلك اليوم، هذا الخسوف والكسوف يحيي في قلوبنا الخوف من ذلك اليوم، وأما الملاحدة فيقولون : ظاهرة طبيعية، وهذا وقع في المخروط، وحجب هذا بظل هذا، ودخل هذا بظل هذا  وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ  [الأنعام: 43]، ما عندهم تذكُّر، بل إن بعضهم ربما ينشغل بالتصوير والرصد عن الصلاة، ولا يصلون أصلًا، ما عندهم في قاموسهم صلاة الخسوف والكسوف، ولذلك المؤمن حي القلب، عندما يذكّره ربه بيوم القيامة بهذا الخسوف، ويتذكر يوم القيامة  فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ  [القيامة: 7 - 8] فإنه يخاف من ربه يخاف يوم القيامة، وليست القضية أن هذا الخسوف والكسوف كان عند السابقين يعزى للأرواح الشريرة والخرافات، والعلم الحديث الآن بين كل شيء، والمسألة تدعو للاطمئنان والأمان ولا أحد يخاف، لا، هذا عرض أهل المادة الدنيويين، أهل الإلحاد ما يأبهون، إذا كان نبينا قال : يخوف الله بهما عباده تريدنا نحن نقول : لا، ما يخوف، هو قال : يخوف بهما عباده ويذكرهم بيوم القيامة، فلذلك إذا قست القلوب تجد بعض الناس يقولون : لا يوجد خوف، ما يخوّف، يذكركم يوم القيامة، ثم تقولون : ما يخوف، والعلم الحديث جلّى الأمور وانتهينا، هذه في الحقيقة غفلة عظيمة، فنسأل الله أن يحيي قلوبنا، والإسلام لا يمنع الاستفادة من علم الفلك، ولا الاطلاع على التفسيرات العلمية، اطلّع على التفسيرات، لا تعارض، اطلّع على التفسيرات، وظل كذا، وهذا وقع في كذا، والشكل المخروط، اطلع وافهم لكن لا تمت قلبك، وتقول : لا يوجد شيء يخوّف، كيف لا يوجد؟  إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ  [التكوير: 1-2]، فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  [القيامة: 7 - 9]، وذهب ضوؤهما فإذًا المؤمن يبقى قلبه حيًا، وإذا ذكره ربه يتذكر.

كنا بدأنا في الدرس الماضي الحديث عن صفة الوضوء، وذكرنا أن الوضوء في لغة العرب مأخوذ من الوضاءة، وهي النظافة والحسن، وقلنا : الوَضوء بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به، والوُضوء بضم الواو فعل الوضوء وعملية الوضوء نفسها، أما عند الفقهاء فهو الغسل والمسح لأعضاء مخصوصة بنية مخصوصة، وتشريع الوضوء كان متزامنًا مع تشريع الصلاة، والوضوء كان في شرع من قبلنا، والله خصّ هذه الأمة بأشياء من مزايا الوضوء وليس بكل الوضوء؛ لأن الوضوء نفسه معروف عند الأمم من قبلنا، لكن الغرة والتحجيل وما يكون في وجوه هذه الأمة نتيجة الوضوء يوم القيامة من النور هذا من خصائصها، ولذلك النبي ﷺ أخبر أنه يعرف أمته من بين سائر الأمم، يعرف أي واحد من أمته، وأمته الذين استجابوا له، وليس المعرضين الكفار، يعرف أي واحد من أمته الذين اتبعوه، يعرفهم بأنهم:  يأتون يوم القيامة غرًا محجلين [رواه البخاري: 136، ومسلم: 246]. جمعوا بين البياض والوضاءة، يعني النور في مواضع الوضوء في نور غرًا محجلين، قلنا : إن الوضوء قد يكون فرضًا كما في وضوء المحدث إذا أراد الصلاة، أو الوضوء للطواف بالكعبة، أو الوضوء لمس المصحف، وقد يكون مستحبًا وهو الوضوء للنوم، وبعد غسل الميت، الوضوء لذكر الله، الوضوء للتلاوة حتى لو ما مس المصحف يستحب أن يتوضأ للتلاوة، يعني لو واحد قال : أنا أريد أن أقرأ من حفظي، هل يستحب لي الوضوء؟ نقول : نعم يستحب لك الوضوء، حتى لو ما كنت تريد أن تمس المصحف، لأن التلاوة على طهارة سنة، وكذلك من الوضوء المستحب الوضوء للأذان، وغير ذلك، ذكر المصنّف - رحمه الله - أن أول أعمال الوضوء النية، وهي القصد وعزم القلب على فعل العبادة تقرُّبًا إلى الله تعالى.

تمييز العبادات عن العادات

00:09:53

وقلنا : النية عند الفقهاء لها فائدتان عظيمتان:

الأولى : تمييز العبادات عن العادات، فبعض الناس عنده عادة في الاغتسال، يغتسل كل ما رجع من العمل، يغتسل من العرق، يغتسل تبردًا، يغتسل تنظفًا، يغتسل تنشطًا، قد يقع الاغتسال لأسباب غير رفع الحدث عند الناس، فبعض الناس إذا رجع من العمل عنده عادة أن يغتسل، فما الذي يميز هذا الغسل عن غسل العبادة؟ ما الذي يميز الغسل من العرق عن غسل العبادة؟ يعني ما الذي يميز غسل العادة عن غسل العبادة؟ النية، فهو لو أنه اغتسل غسل عادة للتنشط لإزالة الروائح الكريهة ما يكفي للصلاة، لا يرفع الحدث هذا الغسل، إذا لم ينو الطهارة ما يكفي، وأما الغسل اللازم للصلاة، كأن يكون على جنابة، أو تكون قد طهرت من حيضها، فلابد من نية في هذا الغسل ليصلي به.

تمييز العبادات عن بعضها

00:11:27

والفائدة الثانية للنية عند الفقهاء: تمييز العبادات عن بعضها فقلنا : صلاة الظهر أربع ركعات، صلاة العصر أربع ركعات، وقد تجمعان جمع تقديم أو جمع تأخير، فالذي يميز هذه عن هذه: النية، قد تفوت الإنسان سنة الفجر، ويصليها بعد ارتفاع الشمس، ويريد أن يصلي الضحى، هاتان ركعتان، وهاتان ركعتان، وسوف يصليهما بعد ارتفاع الشمس، لكن هذه قضاء سنة الفجر، وهذه صلاة الضحى، فالذي يميز هذه عن هذه: النية، فهذه يصليها بنية قضاء سنة الفجر، وهذه يصليها بنية صلاة الضحى.

عرفنا أنه لابد في النية من أهلية الناوي، يعني أن يكون مسلمًا مميزًا عاقلًا، فلا تصح النية من الكافر والمجنون والصغير غير المميز، فلو قال كافر : أنا أريد أن أسلم، وأنا سأذهب لصلاة الجمعة، وما نطق الشهادتين، فقال واحد : اغتسل وانو الطهارة، وتعال صل الجمعة، وبعد الصلاة تنطق الشهادتين عند الإمام، هل تصح صلاة هذا الإنسان؟ لا، لماذا؟ لأنه كان كافرًا عند النية، فلابد أن ينطق بالشهادتين أولًا وينوي أن هذا الغسل للطهارة ورفع الحدث، ثم يصلي حتى تصح صلاته، فإذن، لا بد في النية من أهلية الناوي، أن يكون مسلمًا مميزًا عاقلًا، فلا تصح النية من المجنون ولا من الصغير غير المميز، ولذلك قلنا في الحج : الصغير غير المميز من الذي ينوي عنه؟ وليه، وإذا كان مميزًا يأمره وليه أن ينوي عند الميقات ويعلمه النية، وكذلك فإن الجزم وعدم التردد من شروط النية فلا يصح وضوء من يغسل أعضاءه وهو متردد هل يريد الوضوء أو مجرد التنظف؟ والنية من أعمال القلوب باتفاق المسلمين؛ لأن النية هي القصد والعزم على فعل الشيء، وهذا محله القلب، ولذلك لا داعي للتلفظ؛ لأن النية أصلًا في القلب وليست في اللسان، فلا يفيد أن يقول : نويت أن أفعل وأن أفعل، إنما هي عزم القلب على فعل الشيء، ولذلك فإن التلفظ بها بدعة مخالفة لسنة النبي ﷺ.

هل النية شرط أم ركن؟ وما هو الفرق؟

الشرط يكون قبل العبادة، أما الركن فهو جزء منها، الشرط يكون قبل العبادة، لما نقول : الطهارة شرط للصلاة فأنت لا تتوضأ في الصلاة، أنت تتوضأ قبل الصلاة، لكن لما نقول : قراءة الفاتحة ركن في الصلاة، أو نقول : تكبيرة الإحرام ركن في الصلاة، أو نقول : إن الركوع والسجود ركن من أركان الصلاة، فهذا في العبادة، الركن في العبادة، الشرط قبل العبادة، فستر العورة شرط أم ركن؟ شرط، لا بد قبل العبادة أن تستر عورتك، أنت ما تبدأ بالصلاة ثم تستر العورة، فإذًا ستر العورة شرط، النية شرط أم ركن؟ شرط في العبادات، ومنها الوضوء، هذا اختيار المصنف، ولذلك قال : والنية شرط لجميع الأعمال من طهارة وغيرها، وهذا مذهب جمهور العلماء.

بعض العلماء كما ذهب إليه أكثر الشافعية قالوا : ركن وليس بشرط، واختار الحافظ ابن حجر أن إيجادها ذكرًا في أول العمل ركن، واستصحابها حكمًا، بمعنى أن لا يأتي بمناف شرعًا شرط، قال ابن كثير : والنزاع في ذلك قريب لا يرجع حاصله إلى أمر كبير في المعنى، والقلب يتذكر، وليس المعنى لا بد أن يتذكر، يذكر بلسانه، لكن أن يتذكر بقلبه، عزم القلب على فعل الشيء هو النية، فالشاهد أن أكثر العلماء يقولون : النية شرط، يعني لا بد أن تكون قبل العمل، ومع اتفاق العلماء على لزوم النية في جميع العبادات إلا أنهم تكلموا في لزومها في الوضوء والغسل، فجمهور العلماء يقولون : النية شرط في صحة الوضوء والغسل والتيمم، وخالف البعض، وإن كان قولهم ليس هو الراجح، ولكنهم لا يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية، والذين قالوا : لا يشترط، قالوا : لأن الوضوء من باب النظافة، والنظافة لا يشترط فيها النية، ولكن الراجح، بل الصحيح، وهو قول أكثر أهل العلم، وأكثر أصحاب المذاهب، أن النية شرط للوضوء والغسل والتيمم، النية شرط للطهارة، والقضية كما قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: "وأما الطهارة فالخلاف في اشتراط النية لها مشهور، وهو يرجع إلى أن الطهارة للصلاة هل هي عبادة مستقلة أم مجرد شرط من شروط الصلاة كإزالة النجاسة وستر العورة؟ فمن لم يشترط لها النية جعلها كسائر شروط الصلاة، ومن اشترط لها النية جعلها عبادة مستقلة، فإذا كانت عبادة في نفسها لم تصح بدون نية، وهذا قول جمهور العلماء، أنها لا تصح بلا نية، ويدل على ذلك كثرة النصوص الواردة الصحيحة عن النبي ﷺ بأن الوضوء يكفر الذنوب والخطايا، وأن من توضأ كما أمر فإن الخطايا تنزل مع الماء ومع آخر قطر الماء، فقالوا : هذه عبادة مستقلة، حتى جعل لكل وضوء ركعتان من السنة، فالوضوء صار الآن عبادة قائمة بذاتها يشرع له ركعتان، ركعتان لكل وضوء، فرتب عليه تكفير الذنوب، فإذًا هو عبادة مستقلة لها فائدة، وهي تكفير الذنوب، فتحتاج إلى نية، ولا تصح الصلاة، لا تصح هذه العبادة إلا بتلك العبادة، ولهذا لم يرد في شيء من بقية شرائط الصلاة كإزالة النجاسة وستر العورة ما ورد في الوضوء من الثواب، يعني نلاحظ أن الوضوء أو الطهارة لها ثواب خاص، غير استقبال القبلة وستر العورة، لا تجد لها مثلما تجد في النصوص الشرعية من ذكر الثواب للطهارة، وقد قال ﷺ: الطهور شطر الإيمان ، فلا يكون شطرًا للإيمان إلا وهو عبادة" كما قال النووي في المجموع. [المجموع: 1/315].

ويدل على ذلك قوله ﷺ أيضًا:  إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى [رواه البخاري: 1]. فنفى أن يكون عمل شرعي صحيح بدون نية، [المغني] وحديث بلال معروف أنه كان يحافظ على الوضوء والنبي ﷺ أخبر أنه لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن وأن بلال سبق في الجنة؛ لأنه ما كان يتوضأ إلا ويصلي ركعتين وما كان يحدث إلا يتوضأ.

متى تكون النية؟

النية تكون في أول العبادة، ولا يجوز تأخير النية إلى ما بعد الشروع في العمل، لأن بعض الناس يأتي ليتوضأ، من العجلة يغسل اليدين ويبدأ يتمضمض، ثم يتذكر أنه يريد الوضوء، فلابد أن يكون تذكر النية في القلب، حضور النية في القلب، العزم على فعل الشيء تعبدًا لله، نية الطهارة في هذا الوضوء، وهذا الغسل، وهذا التيمم، أو نية رفع الحدث تكون حاضرة في القلب قبل الشروع، حتى لا يخلو جزء من العمل عن النية؛ لأنه لو نوى في وسط الوضوء لكان ما عمله من الوضوء قبل النية غير داخل، صار عمل بلا نية، جزء من العمل بلا نية، ولذلك لا يعتد بالنية المتأخرة، وهذا في سائر العبادات من الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها، استثنى الشرع مسائل قليلة جدًا، مثل تصحيح صيام النافلة لمن نوى أثناء النهار، ومع ذلك يبقى أن من نوى قبل بدء اليوم، يعني نوى في الليل قبل الفجر، نوى الصيام صيام نافلة مطلق أجره أكثر من الذي ينوي أثناء النهار صيام النافلة، فيكون أجر الثاني من وقت النية إلى غروب الشمس حين ينتهي صومه، وأجر الأول من الفجر إلى المغرب، فلو كان صيام اثنين أو خميس، أي صيام نافلة يصح الصوم ولو نواه أثناء النهار استثناء؛ لأننا قلنا : الأصل النية قبل العمل، وعلى القاعدة أن ما يصح الصيام إلا أن يبدأ بنية قبل بدء اليوم، لكن الشرع جاءنا بدليل استثنى هذه الحالة،   عندكم طعام؟  لا  إني إذًا صائم  ومع ذلك أجر الذي ينوي قبل الفجر، أو أي وقت في الليل، أجر صيامه أكمل وأكبر من الذي ينوي أثناء النهار، مما يدل على أن للنية تأثيرًا لكن مسألتنا الآن: هل يصح العمل بنية متأخرة؟

 الأصل، القاعدة لا يصح، يعني بعد أن تدخل في الصلاة تنوي إنها ظهر، بعد ما تصير في نصف الوضوء تنوي أنه وضوء، لا، هذا لا يصح، والمستثنى مثل صيام النافلة، قال الزيلعي - رحمه الله -: "ولا يعتد بالنية المتأخرة؛ لأن ما مضى لم يقع عبادة" تبيين الحقائق. [تبيين الحقائق: 1/99]. وقال ابن قدامة: "ويجب تقديم النية على الطهارة كلها كل أجزاء الطهارة؛ لأنها شرط لها، فيعتبر وجودها في جميعها، فإن وجد شيء من واجبات الطهارة قبل النية لم يعتد به" [المغني لابن قدامة :1/84].

فلو واحد جاء مستعجلاً، واكتشف وهو يغسل اليدين إلى المرفقين أنه يتوضأ، ماذا يفعل حتى يصح وضوءه؟ ينوي ويبدأ من جديد، وهذه حالة قد تقع لنا في حياتنا، تقع هذه الحالة أن بعض الناس على التعود يبدأ بالعبادة بلا نية ثم يتذكر، فلذلك نعرف هنا أهمية العلم والفقه في تصحيح الأعمال، لو واحد قال : ما الفرق بين طالب العلم والعامي؟ العامي يمكن يتوضأ مئات المرات في حياته أو آلاف ولا يصح ويصلي عليها وماضٍ ومكمل ما يدري، لكن طالب العلم عندما يعرف المسائل تصح أعماله ويُثاب، والآخر الذي ما تعلم ولا درس، ما يصح عمله ولا يُثاب، نعم قد لا يأثم لجهله، قد ربه يعذره، لكن الأجر وصحة العمل ما تكون إلا لمن علم وعمل بما علم، وهذا له حالات كثيرة تجد أن طالب العلم والعالم عمله يصح ويؤجر، وذاك ما كان يدري أصلًا، ولا خطرت بباله أساسًا، وقال في كشاف القناع : "ويجب الإتيان بها، أي النية، عند أول واجب في الوضوء أو الغسل أو التيمم أو غيرها من العبادات؛ لأن النية شرط لصحة واجباتها فيعتبر كونها كلها بعد النية، فلو فعل شيئًا من الواجبات قبل النية لم يعتد به" [كشاف القناع] بالمناسبة بعض العلماء يرى أن التسمية عند بدء الوضوء واجب، فيبدأ الوضوء بالتسمية، وبعضهم يرى أن المضمضة والاستنشاق سنة، وأن الواجب يبدأ من غسل الوجه، نحن الآن لا نناقش ما هو الراجح هنا؟ لكن ننبه أن طالب العلم إذا كان يعتقد أن أول أعمال الوضوء التسمية، معناها النية ينبغي أن تكون حاضرة قبل التسمية، وأن التسمية كما هو في مذهب الحنابلة أول واجب في الوضوء، بينما عند غيرهم يبدأ من غسل الوجه، قال النووي - رحمه الله -: "الأفضل أن ينوي من أول الوضوء ويستديم إحضار النية، حتى يفرغ من الوضوء، وهذا الاستحباب متفق عليه"، يعني الآن نحن إذا قررنا بأن النية لابد أن تكون حاضرة قبل العمل، قبل الشروع، فالسؤال الآن هل يجب أن تقارن النية العمل وأن تكون مستحضرة إلى آخر العمل؟ لأنه أنت الآن ممكن تنوي للوضوء ثم يشرد الذهن، ممكن تنوي للصلاة، وفي الصلاة يشرد ذهنك، فالسؤال الآن هل يجب أن تكون النية حاضرة طيلة العمل وفي كل أجزائه، أو يكفي أن تبدأ عملك بنية ولا يشترط أن تستمر؟ يعني يستمر الاستحضار هذا طيلة العبادة، ولا شك لو استمر الاستحضار أفضل، لكن الإنسان ضعيف ويشرد ذهنه، وممكن يبدأ العمل بنية ثم يذهب في أودية الدنيا، فلو قلنا : يجب أن تكون النية مستحضرة في كل أجزاء العمل، معناها إذا شرد لا بد أن يرجع من مكان ما شرد، وهذا فيه تكليف، لا تأتي الشريعة بمثل هذا، صعب هذا، يشق على العباد، وقال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78].

قال ابن قدامة - رحمه الله -: "ويجوز تقديم النية على الطهارة بالزمن اليسير" [المغني لابن قدامة: 1/84].

وهذا فيه فائدة أن الواحد أحيانًا قد ينوي العمل ثم ينوي الصلاة، ينوي الآن يريد أن يصلي فتناديه زوجته، أو يناديه ابنه أو أبوه في البيت فيلتفت، يتكلم، يرد على سؤال، ثم يكبر، هل الآن هذا الرد أو هذا الانصراف الذهني الذي حصل لا بد يعيد النية من جديد، الجواب : لا، ما دامت صارت قبله بيسير يكفي، أنت تريد أن تبدأ الوضوء تنوي ثم يحصل شيء، تنقطع الكهرباء، أو ينقطع الماء، تذهب تبحث عن محابس وتنشغل ثم تعود لبدء الوضوء، هل لا بد أن تعيد النية من جديد؟ الجواب: لا، يكفي أن تكون قبل العبادة بيسير، لكن واحد ينوي يتوضأ، ثم ينادوه على الغداء فيذهب ويتغدى، أو يبدأ ينوي للصلاة ثم يقول : تعال، يوجد برنامج، راح للشاشة تفرج نص ساعة، هنا الفاصل هذا يحتاج معه إلى أن يجدد النية إذا رجع ليبدأ الصلاة أو الطهارة، قال ابن قدامة - رحمه الله -: "ويجوز تقديم النية على الطهارة بالزمن اليسير كقولنا في الصلاة : وإن طال الفصل لم يجزه ذلك. [المغني] إذن، إذا طال الفصل لا بد يستحضر النية من جديد، ماذا ينوي من أراد الوضوء؟

قال المصنّف الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - مبينًا ماذا ينوي من أراد الوضوء رفع الحدث أو الوضوء للصلاة ونحوها، فالعملية ببساطة حضور النية في القلب، والعزم على الفعل، لكن ماذا تنوي؟

ذكر الفقهاء ثلاثة أشياء :

أولاً : رفع الحدث.

ثانيًا : فرض الوضوء أو أداء الوضوء.

ثالثًا : استباحة ما يشترط له الطهارة كالصلاة والطواف بالكعبة وسجود التلاوة ومس المصحف وهكذا.

وأي هذه الأمور نوى صحت عبادته، فلو واحد قال : أنا نويت عند الوضوء الطهارة، نقول : صح، لو واحد قال : أنا نويت عند الوضوء رفع الحدث، نقول : صح، إذا واحد قال : أنا نويت عند الوضوء أن أدخل لأصلي، أستبيح الصلاة يعني تصبح الصلاة الآن جائزة بالنسبة لي لأنها كانت ممنوعة، وأنا محدث كنت ممنوعًا من الصلاة، فأنا نويت أن أستبيح الصلاة، وأدخل وأذهب للصلاة، فنقول : صح، كلها صحيحة فليس هناك في الحقيقة تشديد، يعني أنت نويت الطهارة، وإلا نويت رفع الحدث، المؤدى واحد، يعني إذا ارتفع الحدث ماذا سيكون حكم الإنسان هذا الذي ارتفع حدثه؟ سيكون طاهرًا، ولو نوى الطهارة ماذا حصل للحدث؟ ارتفع، فإذن، هذا تحصيل حاصل، وليست القضية مجالًا للوسوسة، أنت نويت الطهارة وإلا رفع الحدث، المؤدى واحد، النتيجة واحدة، لكن تثار المسألة لبيان فرق، وهو إذا نوى بهذا الوضوء ما تشرع له الطهارة، ولا تشترط، فهل ارتفع حدثه؟ ما تشرع له الطهارة ولا تشترط، كمن توضأ بنية قراءة القرآن، أو توضأ بنية الأذان، أو توضأ لينام على طهارة، يعني لو واحد الآن أتى لينام، ويعرف أنه من السنة الطهارة قبل النوم، فتوضأ ناويًا الطهارة للنوم عليها، ثم تقلب ما جاءه نوم، هل يجوز أن يقوم ويصلي بهذا الوضوء؟  لو واحد صح عنده الوضوء من الغضب فغضب، ثم قام توضأ، ثم جاء وقت الصلاة، هل يصح أن يصلي بهذا الوضوء؟ يعني الوضوء مستحب، هل تستباح به صلاة الفرض الصلاة الواجبة؟ قال بعضهم: لا يفعل بهذه الطهارة المستحبة إلا ما نواه؛ لأن الحدث ما ارتفع، هذا مذهب الشافعية والمالكية، وقيل : بل يرتفع حدثه ويجزيه أن يصلي بهذا الوضوء؛ لأنه يستحب له أن لا يفعل ذلك وهو محدث، فإذا نوى الطهارة بذلك تضمنت نيته رفع الحدث، قال ابن قدامة: "والأولى صحة طهارته" [المغني لابن قدامة: 1/83].

الأولى بأن يقال : طهارته صحيحة، يعني حتى لو توضأ لشيء مستحب، لينام على طهارة، فإن هذا الوضوء تصح به الصلاة؛ لأنه نوى شيئًا من ضرورته صحة الطهارة، وهو الفضيلة الحاصلة لمن فعل ذلك وهو على طهارة، فصحّت طهارته، كما لو نوى بها، يقول ابن قدامة : كما لو نوى بها ما لا يباح إلا بها، والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع قال: "لأنه إذا نوى الطهارة لما تسن له كالنوم على طهارة". فمعنى ذلك أنه نوى رفع الحدث لأجل أن يقرأ الأذكار قبل النوم، يقرأ المعوذات قبل النوم، كما قلنا : تستحب الطهارة للتلاوة ولو لم يرد مس المصحف، تستحب الطهارة لمن أراد أن يقرأ حفظًا، فهذا توضأ ليقرأ المعوذات قبل النوم وآية الكرسي على طهارة، هذه الطهارة ولو كانت لشيء مستحب لكنها تتضمن رفع الحدث تلقائيًا عند الطائفة الأخرى من العلماء فيقولون : ما دام توضأ ولو لعبادة مستحبة فإن هذا الوضوء يتضمن رفع الحدث، وبالتالي تصح به الصلاة، قال الشيخ: "وكذلك أذا نوى الطهارة لرفع الغضب أو النوم فإنه يرتفع حدثه" [الشرح الممتع: 1/198]. لكن إذا نوى بوضوئه ما لا تستحب له الطهارة، وهذا قد يفعله بعض الناس جهلًا، يعني مثلًا واحد قبل عقد النكاح توضأ، وراح وعقد النكاح، بعدين أذن للصلاة، هو لما توضأ كان يظن أن عقد النكاح هذا يسن له الوضوء، أن يكون على طهارة، وكذلك عقد البيع فقال : الشراكة أمانة، قم أنا وإياك نتوضأ ونوقع عقد الشراكة، وليس في الأسباب المشروعة للطهارة في الإسلام، الوضوء لعقد البيع والشراكة، وعقد النكاح، وكذلك من توضأ لعيادة مريض، ومن توضأ لدخول السوق، ومن توضأ للبس الثوب، ومن توضأ للقاء القادم من السفر، فمذهب جمهور العلماء أن هذا حدثه لم يرتفع؛ لأنه لم ينو الطهارة ولا ما يتضمن نيتها، فلم يحصل له شيء كالذي لم يقصد شيئًا، [المغني لابن قدامة: 1/83].  وإنما لكل امرئ ما نوى  [رواه البخاري: 1]. وهو لم ينو رفع الحدث، والأعمال التي نواها لا تتضمن رفع الحدث، لكن في الحقيقة هنا مسألة لابد أن ننظر إلى الفرق فيها، الآن ما هي نيته؟ إذا قلت : رفع الحدث ارتفع، وإذا قلت : هو يتبرك، يعني توضأ تبركًا، قال : نتوضأ لعقد النكاح حتى يصير عقداً مباركاً، والآن أنا سأضع يدي في يدي أبي الزوجة ويقول لي : زوجتك، وأقول له : قبلت على طهارة، يتبارك الزواج، فالآن قد لا ينوي رفع الحدث بهذا الوضوء، إذا نوى الطهارة، رفع الحدث، صار هذا وضوءًا، طهارة صالحة للصلاة، إذا ما نوى رفع الحدث في الطهارة، ما تصح للصلاة، لماذا فعل ذلك؟ هل كان يظن أن الطهارة مشروعة لعقد النكاح وعقد البيع وزيارة الإخوان وعيادة المريض ولبس الثوب والخروج للسفر؟ هل كان يظن جهلًا أن هذه أشياء يستحب لها الطهارة؟ أو فعل ذلك تبركًا وليس في نيته رفع الحدث؟ مرة أخرى سنعود إلى حديث:  إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فلو نوى الطهارة ورفع الحدث فإن هذا يصح به أن يصلي، ولذلك ابن قدامة في المغني لما علل لماذا لا تصح بها الصلاة؟ قال: "إن الحدث لم يرتفع؛ لأنه لم ينو الطهارة، ولا ما يتضمن نيتها، فلم يحصل له شيء كالذي لم يقصد شيئًا، لكن لو أنه قصد صارت طهارة تستباح بها الصلاة، لو فعلها تبركًا وليس في نيته رفع الحدث ولا الطهارة فهذا لا يصح أن يستبيح به الصلاة، نحن مرت معنا مسألة في الدرس الماضي، لو نوى تجديد الوضوء، وبعد أن فرغ منه تذكر أنه لم يكن متوضئًا فهل يرتفع حدثه؟ هذه تشبه هذه، المسألة التي تكلمنا فيها المرة الماضية، واحد ظن نفسه متوضئًا، أذن وهو يعلم أن من السنة تجديد الوضوء عند دخول وقت الصلاة الجديدة، فمن باب السنة قام وجدد الوضوء ونيته ليس فيها رفع الحدث، لأنه يظن أن الحدث ارتفع من الوضوء السابق، فهذا ماذا نوى؟ مجرد التجديد، فبعض العلماء هنا يقولون : لو نوى تجديد الوضوء، وبعد أن فرغ منه تذكر أنه لم يكن متوضئًا، فصار هذا ما هو تجديد، صار هذا وضوء جديد، فهل يرتفع حدثه لأنه ما تذكر إلا بعد انتهاء الوضوء؟ قال بعض العلماء : لا يرتفع؛ لأنه لما توضأ ما كان ينوي رفع الحدث، لأن عنده الحدث مرفوع أصلًا من الوضوء السابق،

وكانت النية مجرد التجديد فقالوا : بناء على هذا لا تصح الصلاة بهذا الوضوء التجديدي، ولابد أن يتوضأ وضوءًا جديدًا بنية الطهارة ورفع الحدث، وشبهوه بمن توضأ تبردًا، تنظفًا، وقال بعض العلماء: بل يرتفع الحدث، ولو كان الوضوء للتجديد، لأنه نوى طهارة شرعية، صحيح أنه هو كان ينويها مستحبة، لكن لا تخلو النية هذه ولو كانت مستحبة من نية طهارة، فبناء عليه يحصل له ما نواه، وهذا الذي مال إليه ابن قدامة، ابن قدامة - رحمه الله - مال إلى أن هذا الرجل في هذه الحالة يصح أن يصلي بهذا الوضوء، لكن هنا شرط، حتى لو ذهبنا إلى ما رجحه ابن قدامة فيه شرط، نعيد السؤال" هذا الرجل توضأ تجديدًا وهو يظن نفسه أنه محتفظ بوضوئه السابق، وبعد ما توضأ تجديدًا تذكر أنه أحدث بين الوضوءين، إذا ذهبنا إلى ما رجحه ابن قدامة أن الوضوء التجديدي هذا تصح به الصلاة؛ لأنه لا يخلو من نية طهارة فلا بد أن نشترط أيضًا أن يكون هذا الوضوء التجديدي مشروعًا، ولن يكون مشروعًا إلا إذا دخل الوقت، فإذا نوى التجديد وهو غير مسنون فقد نوى طهارة غير شرعية، فلا يرتفع الحدث بذلك، وتجديد الوضوء يكون مسنونًا إذا صلى بالوضوء الذي قبله، فإذا صلى بالوضوء الذي قبله فإنه يستحب أن يتوضأ للصلاة الجديدة، وسبق أن ذكرنا أن الوضوء على الوضوء لا يكون مشروعًا إلا إذا دخل وقت الصلاة الجديدة، يعني لو واحد قال : أنا توضأت لصلاة الظهر، وخرجت من بيتي للمسجد، وصلت المسجد كان باقي وقت فقلت : جدّد وضوءك، زيادة الخير خيرين، دخل المغاسل وجدد، هل هذا الوضوء مشروع؟ لا؛ لأن الوضوء المشروع أن يجدد الإنسان الطهارة لا يكون إلا إذا دخل وقت الصلاة الجديدة، وإلا فتحنا بابًا من أبواب الإحداث في الدين، وهو أن يتوضأ مرات كثيرة ليؤجر، فأتوضأ مرة، وبعد عشر دقائق يقول : والله ما دام الوضوء فيه كل هذه الفضائل وستنزل الخطايا، خلها تنزل، يمكن باقي شيء ما نزل، وضوء ثاني، وبعد عشر دقائق، والله ذنوبنا كثيرة وضوء ثالث، والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - نلاحظ أنه ضبط الوضوء التجديدي هذا بضابط، وهو أن يكون صلّى بالوضوء الذي قبله، فعند ذلك يصح أن يجدد، يعني يكون مشروعًا، ونحن نعلم أن الإنسان إذا توضأ بعد دخول الوقت مثلًا فإنه يصلي كل الصلوات المشروعة بهذا الوضوء، يعني لو واحد توضأ لصلاة الظهر ممكن يصلي ركعتي الوضوء، ممكن يصلي ركعتي تحية المسجد، ممكن يصلي سنة الظهر القبلية، ممكن يصلي صلاة استخارة، يعني له أن يصلي إلى العصر كل الصلوات والفريضة والسنة البعدية، كل الصلوات المشروعة بذات الوضوء، متى يستحب له التجديد؟ إذا دخل وقت العصر، حتى لو ما أحدث، أما نقول : بين الظهر والعصر، جدد على كيفك، يصلي يجدد عشر مرات يقول : أنا أريد الفضل، وأريد الأجر، وأريد التكفير، فإذن، التجديد بدون حدث إنما هو مشروع إذا دخل وقت الصلاة الجديدة، هذا ما ذكره بعض أهل العلم، كل العبادات التي يشرع لها الطهارة بذاك الوضوء، يعني لو صلى الظهر فتوضأ لصلاة الظهر، وصلى ركعتي الوضوء، وذهب للحرم وطاف وصلى ركعتي الطواف، وصلى سنة الظهر القبلية،

وصلى الفريضة، وصلى سنة الظهر البعدية، وتذكر أمرًا يريد أن يستخير له، ومس المصحف للطهارة، وسجد سجود تلاوة، هو كله بنفس الوضوء، فهنا لا يقول قائل : من السنة هذا وضوء لصلاة الظهر، لكن الطواف نتوضأ وضوءاً ثانياً، وإذا أردت تتلو القرآن تتوضأ وضوءاً ثالثاً، وإذا مرت بك سجدة تلاوة تتوضأ، لا، هذا كله بالوضوء الأول، فلا يشرع له التجديد إلا إذا دخل وقت الصلاة الجديدة، طبعًا سدًا لذريعة الإحداث في الدين، وسدًا لباب الوسوسة، لأن مشكلة الموسوسين أنه ما يقنع بوضوء واحد، يعيد ويزيد ويعيد ويزيد، وإذا نوى ما تشرع له الطهارة مع ما لا تشرع له، وكلمة ما لا تشرع له لا يعني أنه حرام، مثال على شيء لا تشرع له الطهارة: غسل التبرد والتنظف، الآن هذا إذا اغتسل غسل تبرُّد وتنظُّف، ما عنده نية طهارة، السؤال : لو واحد اغتسل للطهارة وللتنظف، فأدخل النيتين، قال : أنا رائحة العرق عندي فسوف اغتسل للطهارة ولإزالة العرق فهل يرتفع الحدث أم لا؟ الجواب: يرتفع وكون نية الطهارة خالطتها نية أخرى من المباحات لا تلغيها، ولا تضر بها من جهة الإلغاء أو البقاء، بل هي نية صحيحة، فما تؤثر عليها من نية الصحة، نعم قد تؤثر من جهة الأجر، يعني بعض الناس قد يفعل عبادات، يقول : والله أنا سأذهب لصلاة الفجر ماشيًا للأجر وغاز الأوزون هذا الذي يقولون أنه مفيد ويعطي حيوية، أنا سأصوم لله وحمية وتخفيف وزن، ولا شك أنه إذا صام لله فقط وما خالطت النية الأخروية أي نية دنيوية ولو مباحات، تعتبر أكمل في الأجر، لكن كون خالطت العبادة مثل هذه النية المباحة، أو مثل هذا الشيء المباح كالتنظف والتنشط والتبرد والتنظف، فلا تلغي نية رفع الحدث، لكن لو جعل القلب كله لله في النية للطهارة التي شرعها الله لأجر الآخرة فهذا أفضل، وتلك ستحصل ستحصل، يعني هو إذا تغتسل للطهارة ألن يزول الوسخ وتذهب الرائحة الكريهة؟ كذلك لو مشى للمسجد هو همه شيء واحد، ترفع درجة، يزيد حسنة، تمحى سيئة، هذا قصده بالمشي، ما عنده قصد آخر، الفوائد الأخرى تأتي تبعًا، يعني سينشط الجسم، ويقل الوزن، ويحرق السعرات الحرارية، هذا سيحصل سيكون تلقائيًا وسيحصل معه، فلا تخلط نيتك، اجعلها صافية لله، والفوائد الأخرى ستأتي تبعًا، هذا من جهة، هل تلغي أو تؤثر في صحة نية الطهارة نية أخرى مثل التبرد والتنظف فهذا هو الجواب، فالصواب ارتفاع الحدث وحصول الطهارة لأنه انضاف إلى النية المشروعة ما لا ينافيها، فالتبرد والنظافة حاصلان بكل حال نواهما أو لم ينوهما.

قال ابن رجب - رحمه الله - في جامع العلوم والحكم: "ولو شرّك بين نية الوضوء وبين قصد التبرُّد أو إزالة النجاسة أو الوسخ أجزأه في المنصوص عن الشافعي، وهذا قول أكثر أصحاب أحمد". لأن هذا القصد ليس بمحرم ولا مكروه، واحد يقصد بالوضوء عبادة أخرى غير الطهارة ورفع الحدث، مثل إن نوى بالوضوء الطهارة وتعليم صبي بجانبه فلا يضر، بل قد يكون أجره أكبر؛ لأن النيات الحسنة في العمل الواحد إذا كثرت كان ذلك أكثر للأجر، قال ابن رجب: "ولهذا لو قصد مع رفع الحدث تعليم الوضوء لم يضره ذلك، وقد كان النبي ﷺ يقصد أحيانًا بالصلاة تعليمها للناس ويقصد يصلي ويقصد يعلم أيضًا"[جامع العلوم والحكم: 1/ 88].

نقف عند مسألة إذا تعددت الأحداث فكيف تكون النية؟ وهل تكفي نية واحدة لرفع أحداث متعددة، أم لا بد أن ينوي رفع كل حدث بعينه؟ وهذه المسألة لها أكثر من شق، إذا نام عدة مرات، أو بال عدة مرات، أو جامع عدة مرات، وكذلك لو بال وتغوط ونام وأكل لحم إبل، فسنتحدث عن المسألة بمشيئة الله من الطرفين أو من الجانبين، وعلى أية حال المسألة سهلة، يعني أمور الطهارة والحمد لله من يسر الدين فسنجد أن العلماء قد ذكروا مسائل للتنبيه وللتعليم، عندما يذكر لك مسألة يقول : لو كرر الحدث عدة مرات، نفس النوع عدة مرات، يكفي وضوء واحد، ولو تعددت الأحداث أنواعًا أكل لحم إبل وخرج منه ريح ونام و.. هل يكفي وضوء واحد؟

وكذلك ستجد مثلًا لو اجتمع حدث أصغر وحدث أكبر فهل تكفي الطهارة لهما جميعًا؟ فهذا من باب التقسيم، أحيانًا يكون تقسيمًا للتعليم أو للشرح، للتفهيم لتصور الأمور، وليس لإحداث وسوسة، أو إثارة تشدد، لا، فسنأتي على هذه المسألة بمشيئة الله تعالى، والله تعالى أعلم.

يقول: اليوم صلاة العصر أدركت الصلاة والإمام راكع فكبّرت وبمجرد انحنائي للركوع قال الإمام : سمع الله لمن حمده، هل أدركت الركعة أم لا؟

متى يدرك المصلي الركعة ؟

إذا استقر ظهره راكعًا قبل أن يرفع الإمام من الركوع، فلا بد أن تدركه في جزء من الركوع، أما إذا كنت أنت نازلًا وهو طالع ما أدركت، وهذه من ضمن المسائل اللي قلنا أن كثير من العامة يقعون فيها، الآن بعض الناس يقول : إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ،  ودخل وهو راكع، والإمام صاعد، يعتبر نفسه أنه نفذت، الله سريع الحساب، لا يفوته شيء سبحانه وتعالى، فإذن، لا بد أن تدرك الإمام في جزء من الركوع، فيستقر ظهرك راكعًا والإمام لا زال راكعًا، يعمل بغلبة الظن؛ لأنك إذا ما رأيت الإمام ستعتمد على صوت التكبير، فأنا إذا استقر ظهري راكعًا قبل أن أسمع سمع الله لمن حمده، اعتبر نفسي أدركت الركوع، أنا إذا ما رأيت سأبني على ماذا؟ ولذلك من فقه الإمام أن يرافق تكبيره حركته؛ لأن بعض الأئمة بدون فقه، تلقاه رفع ثم يقول : سمع الله لمن حمده، يقول : الميكرفون فوق، أنت تلحق الميكرفون، الآن هذا التأخر منك ممكن يكون ظن عدد من الناس أنهم أدركوا وهم ما أدركوا، فلا بد أن تكون تكبيرة الإمام مرافقة لحركته، فإذا ركع، إذا بدأ بالصعود، إذا بدأ يبدأ بالصوت، سمع الله، فالصوت مقارن ومرافق للركن أو حركة الركن، وهذا يحتاجه المأموم الذي يفهم لأنه سيبني على صوتك يا أيها الإمام.

هل تشترط النية قبل الصلاة؟

نعم.

وإذا نسي هل يعيد الصلاة؟

لو واحد صلى بدون نية، هذا قد يكون أحيانًا، في حالات الانهماك الذهني التام، الانشغال قد يكون بمصيبة أو بغيرها، ممكن بعض الناس يصلي بغير نية، فيعيد، يعني بعد ما يسلم يذكر أن كلها كانت بدون نية.

هل الشمس ثابتة؟

لا، ومن اعتقد هذا يكفر؛ لأنه يكذّب ظاهر القرآن، قال الله تعالى:  وَالشَّمْسُ تَجْرِي [يس: 38].

فإذا قال واحد ثابتة كذّب ظاهر القرآن، وأما الأرض تدور أو لا؟ فهذه المسألة ليست من مسائل الإيمان، ولا فيها نص قاطع في الكتاب والسنة؛ بحيث يقال : من خالف هذا فقد كفر، أو أخلّ بالدين، وإلا عقيدته فيها خلل، مسألة دوران الأرض مسألة فلكية كما قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - قال: "هذه المسألة فلكية إذا علماء الفلك أثبتوا أنها تدور تدور، ما تدور ما تدور، فهذه المسألة سهلة، ما هي من مسائل الدين والإيمان والعقيدة، ولكن يجب أن تعتقد أن الأرض راسية، الله أرساها وجعلها مستقرًا،  أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا [النمل: 61].

ما المانع أن يجدد المسلم وضوءه كل وقت؟

أظن تقدم في الدرس الجواب؛ لأنه فتح باب الإحداث في الدين، فتح باب الوسوسة، فنقول : بدلًا من هذا إذا أنت عندك وقت صل كل وقت، يعني إذا الآن عندك وقت صل، توضأت دخل الوقت وتوضأت صل كل شوي ما دام ما هو وقت نهي، عندك وقت الصلاة أولى من تجدد وضوء.

من اعتاد أن يخرج من بيته متوضئًا فإذا أدركته الصلاة وهو خارج منزله صلى فما حكمه؟

ما في مانع هو الآن عندما قال: لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن  يعني هو عندما يذهب يتوضأ ما قصد بالوضوء؟ الطهارة، كل ما أحدث يتوضأ ما قصده؟ الطهارة، فهذا يكفي للصلاة.

بعض الشباب يضع في يده إسوارة يعتقد أنها تمده بالطاقة وهي تباع في الأسواق بسعر مرتفع، منتشرة بين الشباب؟

إذا كان لم يثبت طبيًا، وليس له إثبات فقد يدخل في قضية التعلق، يعني: من تعلق تميمة، ومن تعلق حلقة، يدخل في باب تعليق الخيط والحلقة وهذا منافٍ للتوحيد؛ لأنه يعتقد النفع في شيء لم يجعل الله فيه نفعًا، ومن اعتقد في شيء نفعًا لم يجعل الله فيه نفعًا دخل في شرك الأسباب، حتى لو قال : بإذن الله؛ لأن الله ما جعله سبباً فكيف أنت تجعله سبباً فمن قال : علبة المناديل إذا جعلتها كذا هذه تعالج الروماتيزم بإذن الله، نقول: هذا شرك الأسباب، صحيح هذا لا يخرج عن الملة؛ لأنه ما يعتقد أن هذا يضر وينفع دون الله وإلا كفر، فإذا اعتقد أنه شيء ينفع ويضر دون الله هذا كفر، ولو قال : هذا سبب وينفع بإذن الله، فنقول : إذا لم تجر العادة بأنه ينفع، وأهل الخبرة ما أثبتوا له نفعًا، فإذن، دخلت في شرك الأسباب، فهذه الأساور التي يرتديها بعض الشباب، والآن هذه موضة منتشرة، وسارية جدًا بين الشباب، لماذا يا شباب؟ قال: تمدنا بالطاقة، من الذي قال ذلك؟ فيه مقال في الإنترنت، الإنترنت يا أخي فيه ما هب ودب، الإنترنت هذا مرجعية موثوقة؟ الإنترنت فيه كل شيء، الإنترنت فيه الكفر والشرك والشعوذة والخرافات والكذب، الإنترنت هذا ليس مرجعية، فإذن، الكلام في قضية الطاقة خصوصًا أن الوثنيات الشرقية مبنية على أشياء من هذا الليانق والليانق والطاء، وأن الطاء استمداد للطاقة، وأن التحديق في الكواكب ممكن يعطيك طاقة في أشياء خطيرة ترى عندهم فلابد ننتبه من هذا.

هل يجوز تعدد النيات كالصلاة بعد شروق الشمس للضحى وركعتي الفجر وكفارة قيام الليل؟

نعم، لا مانع، لو واحد توضأ لهذه كلها لكن لو كان قصده هل تتداخل العبادات، يعني الصلاة نفسها أنا أصلي ركعتين أنوي فيها سنة الفجر التي فاتت، والضحى، وثنتين من قيام الليل الذي فاتني، لا؛ لأن هذه عبادات لا تتداخل، هذه عبادات مختلفة متنوعة مستقلة، فصلاة الضحى في الشريعة غير سنة الفجر، وسنة الفجر غير قضاء قيام الليل، هذه عبادات لا تتداخل، ما هي العبادات التي تتداخل؟ العبادة التي ليست مشروعة لذاتها مثل تحية المسجد، الآن تحية المسجد تصلح بفريضة، وتصلح بسنة راتبة، وتصلح بركعتي وضوء، فتحية المسجد ليست صلاة مقصودة لذاتها، فهي قابلة للتداخل، أنا ممكن أدخل الحرم، وأصلي، وأطوف بالبيت، وأصلي ركعتي الطواف، وهاتان الركعتان هذه تغنيان عن تحية المسجد، ممكن أدخل وأصلي سنة الفجر القبلية وتغني عن تحية المسجد، هذا تداخل، هنا تتداخل العبادات، التداخل هذا في بعض مسائله خلاف، ومن المراجع التي توسعت في الموضوع كتاب الأشباه والنظائر للسيوطي - رحمه الله -، الأشباه والنظائر فيه بحث عن موضوع تداخل النيات في العبادات، أو تداخل العبادات، أن هذه تقوم عن هذه وإلا لا، هل هما عبادتان مستقلتان وإلا يكفي ركعتين عنها كلها؟

ما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟

ليس من السنة.

وجدت اليوم في مسجد الحارة مصحفًا متنجسًا؟

إذا أمكن إزالة النجاسة فتزال النجاسة، وينظف المصحف، ويستفاد منه إذا ما أمكن، كأن تكون أوراق المصحف متشربة للنجاسة، وهذا يفعله بعض السحرة، يستخدمون النجاسة، المصحف يتشرب أحيانًا في دم حيض -والعياذ بالله- عندهم الكفر يصل إلى درجات عظيمة، فالشاهد أنه إذا ما أمكن يحرق المصحف، يحفر له حفرة يحرق ويدفن.

إذا غفل الرجل في التشهد أو أي ركن ولم يقل التشهد أو الدعاء الواجب وسلم الإمام؟

يأتي به ويسلم.

يشاهد القنوات الإخبارية، وتأتي فواصل موسيقية، لا يقوم بكتم الصوت؟

يجب أن يكتم الصوت باعتباره منكر لابد من إزالته فليغيره.

من أراد صيام شهر محرم كاملًا هل يكون مبتدعًا؟

لا، ذكر بعض العلماء أن صيام محرم كله مشروع، أنه لا حرج فيه، وصيام شهر كامل غير رمضان النبي ﷺ لم يتمكن، قالوا : إنما لم يصمه؛ لأنه لم يتمكن من صيامه؛ لأن هذا شرع قبل وفاته مثل تاسوعاء ما تمكن منه؛ لأنه شرع قبل وفاته.

هل يجوز أن أجمع النية بين النوافل بأشكالها صلاة الاستخارة مع سنة راتبة؟

نعم ممكن؛ لأن حديث صلاة الاستخارة قال: فليركع ركعتين من غير الفريضة [رواه البخاري: 7390].

السنة الراتبة أليست من غير الفريضة؟ إذن، يمكن أن يجعل السنة الراتبة ركعتي استخارة ممكن فيدعو بعدها.

إذا صلى الظهر ثم أذنب هل يشرع له الوضوء أم ينتظر حتى صلاة العصر؟

لا، هو على طهارة، لكن الأخ يقول : الحديث أن فيه من أذنب فتوضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه فهل يشرع الوضوء الآن لهذا؟

لا أدري.

زيادة إنك لا تخلف الميعاد؟

اختلف العلماء في تصحيحها، فمثلًا من المعاصرين الشيخ الألباني ضعّفها، والشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – حسّنها، فطالب العلم على ما يترجح لديه في البحث.

هل تشترط النية في الصلاة النافلة؟ وهل يجوز الجمع لأكثر من نية لفعل واحد مثل صيام نافلة وصيام قضاء صيام عاشوراء بنية القضاء؟

إذا نوى القضاء أجزأ برئت ذمته من هذا اليوم الواجب عليه، هل يحصل له أجر عاشوراء؟

اختلفوا، قال بعضهم:  إنما الأعمال بالنيات  هذا قضاء وليس عاشوراء، وقال بعضهم : بل يحصل تبعًا، وفضل الله واسع، فمن نوى عرفة أو عاشوراء قضاء أجزأ عن القضاء ونال أجر عرفه وعاشوراء، اختاره من المعاصرين الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -.

 هل يجوز صلاة ركعتين سنة الفجر بعد الفجر مباشرة؟

نعم، لكن الأفضل بعد ارتفاع الشمس، كما ثبت ذلك عن عبد الله بن عمر أن قضاء سنة الفجر الأفضل بعد ارتفاع الشمس.

هل يجوز بعد الخروج من الاستحمام الصلاة فقد توضأ بعد الاستحمام وهو كاشف العورة؟

نعم؛ لأن ستر العورة ليس من شروط الطهارة، ليس من شروط صحة الطهارة تغطية العورة، فلو توضأ بلا لباس صح وضوءه، أصلًا هو يغتسل بلا لباس هو يتطهر بالاغتسال بلا لباس الغالب.

هل صحيح أن ماء المطر علاج للسحر؟

يمكن  وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا  [ق: 9]، يعني هذا الماء المبارك ليس مستنكرًا، لا يقال : هذه بدعة وحرام، ممكن وارد، ممكن ما تجزم بذلك، لكن لا يمنع، قد يشفيه الله بالاغتسال بماء المطر قد يقول في الآية: وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ [الأنفال: 11]، وهذا ماء مبارك وارد يعني يحتمل فيه احتمال.

وأنا في الطريق في السفر رأيت القمر انخسف فما كان مني وأنا أسوق السيارة إلا أن صلّيت وأنا في السيارة فهل عملي صحيح؟

الآن ما حكم صلاة الخسوف؟

اختلفوا فيها فقال بعضهم: سنة مؤكدة وقال بعضهم: واجب، وقال بعضهم: فرض كفاية، إذا قلنا : سنة مؤكدة فالصلوات النافلة أو المستحبة يجوز فيها الجلوس.

مسئول التوعية في إحدى المنتديات، يجتمعون عضوات، ويصلون صلاة القيام بسورة البقرة ويقولون : هذا يشجع.

هذا الاتفاق على القيام الجماعي عمل غير مشروع، ما عليه دليل، وهيئة وكيفية مخالفة؛ لأنه لا يعرف عن النبي ﷺ وأصحابه الاجتماع في قيام الليل إلا في رمضان، فإذا اجتمعوا على قيام الليل في غير رمضان فقد أحدثوا هيئة وكيفية في القيام ما وردت في الشرع، وهي قضية الاجتماع، فرق بين هذا وبين التواصي، فلو قالوا : قيام الليل، وله فضله، لا مانع، هذا بالعكس يؤجرون عليه، لكن لو قالوا : الليلة يا بنات كلكم تستعدون، وراح نتصل على بعض، هذا عمل غير مشروع، هذا داخل في البدعة، ما يجوز، وكذلك إحراج الناس بعضهم لبعض في صيام النافلة، يعني يجي المدرس يقول للطلاب : انظروا يا شباب الاثنين هذا يرفع فيه الأعمال إلى الله، اتفقنا صيام جماعي، هذا أيضًا عمل غير مشروع، بدع؛ لأنك تحرج وتلزم بعبادة لم يلزمها الله، لو واحد ما يريد يصوم يُحرج ويأتي ويتظاهر بالصوم وإلا يصوم غصبًا عنه، هذا عمل غير مشروع، لكن أن يقال : يا شباب يوم الاثنين يوم فاضل فضيل وترفع فيه الأعمال إلى الله والصيام فيه ويتركهم، حثهم واتركهم، أما تلزمهم وتعمل صياماً جماعياً وإفطاراً جماعياً لإلزام الشباب، هذا من البدع كما تقرر نقاشًا مع شيخنا عبد الرحمن البراك قريبًا، وكنت قبل ذلك قد ناقشت فيه الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وكذا الشيخ محمد له كلام في المسألة، لا يجوز إلزام الناس، أو إحراج الناس في عبادة غير واجبة لنوجبها، نخرجها كأنها واجبة عليهم.

وأخيرًا متابعة القنوات الإخبارية، والآن مع كثرة الأحداث العظام صار الناس كذا لا شعوريًا يروجون الأخبار، يسمع صار حدث عظيم في المكان الفلاني، وتغيرات والعالم العربي وصار كذا وصار .. فالناس تريد أن تعرف ماذا يحصل؟ والمشكلة أن وكالات الأنباء والقنوات الإخبارية المشهورة أكثرها ما تلتزم بالضوابط الشرعية، يعني الآن هات وكالة أنباء إسلامية ملتزمة منضبطة؟ وهات قناة اخبارية ملتزمة منضبطة على مدار أربع وعشرين ساعة؟ ولذلك صار الواحد لا بد أن يتوقى؛ الناس تريد أن تعرف، لكن توقى، تطلع امرأة غض البصر، تسمع موسيقى أغلق الصوت، لأن هذه فتنة، معروف افتتان بعض الناس بالمذيعات، هذه قد سارت بها الركبان، ليست بدعًا من القول أو اكتشاف جديد فيه افتتان يحصل، ولذلك لابد من الحذر، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.