الجمعة 20 رمضان 1445 هـ :: 29 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

08- حديث طلوع الشمس من مغربها


عناصر المادة
نص حديث طلوع الشمس من مغربها
أقسام أشراط الساعة من حيث الحجم والوقوع
الطائفة المنصورة في آخر الزمان
المقصود بقوله: حتى تقتتل فئتان
المقصود بقوله:  وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين
المقصود بقوله: وحتى يقبض العلم
المقصود بقوله: وبين يدي الساعة سنوات الزلازل
المقصود بقوله: يتقارب الزمان
المقصود بقوله: وحتى يكثر فيكم المال فيفيض
المقصود: تطاول الناس في البنيان
المقصود بقوله: وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه
أشراط الساعة الكبرى
المواطن التي لا ينفع فيها الإيمان
المقصود بقوله: ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته...
بعض أشراط الساعة الصغرى التي حدثت والتي ستحدث

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:

نص حديث طلوع الشمس من مغربها

00:00:16

فسنتحدث عن حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ، وهو حديث رواه الإمام أبو عبد الله البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلزال، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه عليه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس يعني آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعنه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها[رواه البخاري: 7121].

أقسام أشراط الساعة من حيث الحجم والوقوع

00:02:12

هذا الحديث قد اشتمل على عدد من أشراط الساعة.
وأشراط الساعة -أيها الإخوة-: أشراط صغرى وأشراط كبرى، من جهة الحجم، وعظم الوقوع.
وأما من جهة هل وقعت أم لا، فهي أقسام:
فأحدها: وقع وانتهى وقوعه، وفق ما قال ﷺ.
والثاني: ما وقعت مبادؤه ولم يستحكم بعد، أوله وقع ولكنه لم يستحكم ويستشري بعد.
والثالث: ما لم يقع منه شيء، ولكنه سيقع قطعًا.
فالقسم الأول: تقدم وقوعه، كما قال ﷺ، مثلاً من ذلك: اقتتال الفئتين العظيمتين، وظهور الفتن، وكثرة الهرج، والقتل، وتطاول الناس في البنيان، وتمني بعض الناس الموت، وقتال الترك، وتمني رؤية النبي ﷺ، وأن هذه الأمة تبعت الأمم الأخرى؛ كما جاء في حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها[رواه البخاري: 7319].
وأما النوع الثاني: وهو الذي بدأ ولكنه لم يستحكم بعد، فتقارب الزمان، هذا الكلام ذكره العلماء منذ مئات السنين، وهو الآن في عصرنا أوضح: تقارب الزمان، وكثرة الزلازل، وخروج الدجالين الكذابين، وكذلك ما جاء في الحديث: أنه يلقى الشح[رواه البخاري: 6037، ومسلم: 6964].
ولا تقوم الساعة حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمةكما جاء في حديث [مسلم : 7463].
وقد جاء في حديث حذيفة بن أسيد: أنه تقع قبل الساعة آيات منها: ثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب[مسلم: 7467].
وكذلك جاء في حديث صحارى عند الإمام أحمد وأبي يعلى عنه ﷺ قال: لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل من العرب[رواه أحمد: 15998، وأبو يعلى: 6834، وقال حسين سليم أسد: "إسناده جيد"، وضعف إسناده محققو المسند].
وهذه الخسوف الثلاثة خسوف عظيمة، أكثر مما يقع ويعاين ويشاهد من جهة المكان، ومن جهة القدر، يكون خسف على نطاق واسع، وإلا فقد حدثت خسوف في الأرض، حدثت خسوف وانهيارات أرضية وزلزال، ولكن ليست كهذه الثلاثة التي ستكون أعظم وأكبر وأفظع في القدر والنتائج.
وكذلك جاء في بعض الأحاديث ذكر أشراط للساعة؛ مثل حديث ابن مسعود: لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها[رواه البزار: 1434، والطبراني في الكبير: 9652].
وكذلك في حديث: وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم[رواه الترمذي: 2211،وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب: 1774].
وكذلك: إذا وسد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة[رواه البخاري: 59].
وجاء كذلك بعض الأحاديث التي جمعها بعض أهل العلم؛ كما فعل ابن حجر -رحمه الله تعالى-، ومنها ما صح، ومنها ما هو ضعيف، وفي بعض هذه الروايات: حتى يكون الولد غيظًا، والمطر قيضًا، وتفيض الأيام فيضاً.
وفي رواية: ويجترئ الصغير على الكبير، واللئيم على الكريم، ويخرب عمران الدنيا، ويعمر خرابها.
هذا من جهة بعض الأشراط التي وقع جزء منها، أو وقع أولها ولم تستحكم وتستشري.
وهناك نمط ثالث: وهو لم يقع بعد، ومنها: طلوع الشمس من مغربها، ومنها: قتال المسلمين لليهود، كما جاء في الحديث الصحيح: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهود وراء الحجر الحديث.. وقد أخرجه الإمام [مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه: 7523].
وهذا القتال يقع قبل الدجال، كما ورد في رواية سمرة في حديث سمرة عند الطبراني.
وكذلك جاء في حديث أنس: أن أمام الدجال سنين خداعة، يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخون فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضةوهو الرجل التافه يتكلم في مصير العامة من الناس [رواه الإمام أحمد: 13322، وأبو يعلى: 3715، والبزار: 2740، وسنده جيد].
وقد جاء عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة: قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة[رواه ابن ماجه: 4036، والحاكم في المستدرك: 8439، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه"، وصححه الذهبي في تلخيص المستدرك] عامة الناس.
وجاء في حديث سمرة كذلك: لا تقوم الساعة حتى تروا أمورًا عظامًا لم تحدثوا بها أنفسكميعني ما خطرت على بال.
وفي لفظ: يتفاقم شأنها في أنفسكم وتسألون: هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرًا[رواه أحمد: 20190، والحاكم: 1230، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"].
وجاء في هذا الحديث: وحتى تروا الجبال تزول عن أماكنهاوقد أخرجه الإمام أحمد والطبراني وأصله في الترمذي.
وجاء في حديث عبد الله بن عمرو: لا تقوم الساعة حتى يتسافد في الطريق تسافد الحمير[رواه البزار: 2354، وابن أبي شيبة: 38432]يعني كما أن الحمير يركب بعضها بعضًا، ويفعل بعضها في بعض، فكذلك سيفعل الناس في الطرقات، وعلى الملأ وأمام الآخرين.
وجاء في حديث أبي يعلى عن أبي هريرة: لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط[رواه أبو يعلى: 6183، وقال حسين سليم أسد: "إسناده قوي"].


وللطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر وفيه يقول: أمثلهم لو اعتزلتم الطريق.
وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني: وحتى تمر المرأة بالقوم فيقوم إليها أحد فيرفع بذيلها كما يرفع ذنب النعجة، فيقول بعضهم: لو واريتها وراء الحائط، فهو يومئذ فيهم مثل أبي بكر وعمر يعني في عظم المكانة.
وكذلك جاء في حديث حذيفة بن اليمان عند ابن ماجه: يدرس الإسلام يعني يزول وينتهي كما يدرس وشي الثواب كما ينمحي زخرفة الثوب أو لون الثوب يزول مع الوقت حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة... وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها[رواه ابن ماجه: 4049، والحاكم: 8636، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 3273].
وكذلك جاء في حديث أنس: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله[أخرجه الإمام أحمد بسند قوي: 13860، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم"].
وجاء عند مسلم بلفظ: حتى لا يقال في الأرض: الله الله[رواه مسلم: 392].
وفي حديث ابن مسعود: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس[رواه مسلم: 7590].
وفي رواية: أنه يبقى حثالة [رواه أحمد: 16115]أو حفالة[ينظر: البخاري: 6434].
وفي رواية: لا تقوم الساعة على مؤمن[رواه الطبراني في الأوسط: 4391].
وجاء عند أحمد بسند جيد؛ كما قال ابن حجر -رحمه الله- عن عبد الله بن عمر: لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض يأخذ المؤمنين من أهل الأرض فيبقى عجاجًا لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا[رواه أحمد: 6964، وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين"].
وكذلك جاء في حديث الطيالسي عن أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى يرجع ناس من أمتي إلى الأوثان يعبدونها من دون الله.
وفي رواية لمسلم وأحمد: ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان[رواه أبو داود: 4254، والترمذي: 2219، وأحمد: 22505، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: 5406].
وحصل وجد في بعض الأماكن عبادة للأوثان من بعض قبائل العرب فعلاً وحقًا.
وقال ﷺ: لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزىمن دون الله ثم يبعث الله ريحا طيبة، فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم[رواه مسلم: 7483].
فالأشراط منها صغار، وقد مضى أكثرها، ومنها كبار ستأتي، والكبار التي تضمنها حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم وهي: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، والريح التي تهب بعد موت عيسى فتقبض أرواح المؤمنين.

الطائفة المنصورة في آخر الزمان

00:11:17

فماذا بالنسبة للطائفة المنصورة التي أخبر النبي ﷺ عن وجودها، وأنها إلى آخر الزمان؟
فالجواب: أن هذه الطائفة قائمة حقًا وفعلاً، ولكنها ستبقى إلى قرب نهاية الزمان، فقبيل قيام الساعة يبعث الله ريحًا فتقبض أرواح هذه الطائفة المنصورة من المؤمنين، ويبقى شرار الخلق عليهم تقوم الساعة، هكذا وجه الجمع بين حديث الطائفة المنصورة، وحديث أنه لا تقوم الساعة وفي الأرض من يقول: الله الله أي لا يذكر الله ، وبالتالي لا يكون هناك فائدة من وجود المصاحف، فيسرى على كتاب الله في ليلة، ولا يبقى منه آية في المصاحف ولا في الصدور، و يبعث الله -تعالى- ذا السويقتين فيخرب الكعبة؛ لأنه أحد يحج إلى مكة ولا يطوف الكعبة، لا في حج ولا في عمرة، وبعد ذلك تقوم الساعة، لا كعبة، ولا مصحف، ولا ذاكر لله أبدًا، تقوم على شرار الخلق، وهذا الزمن لم نأت عليه بعد بطبيعة الحال.

المقصود بقوله: حتى تقتتل فئتان

00:12:25

هذا الحديث تضمن عدة فقرات:
أولها: حتى تقتتل فئتانوقد ذكر شراح الأحاديث: أن هذه الفئتان فئة علي ومعاوية -رضي الله تعالى عنهما-، وكان لكل منهما دعوى، فأما معاوية فإنه يطلب القصاص من قتلة عثمان، وعلي  كان يريد أن يبايعه أولاً، ثم ينظر في قتلة عثمان، ومعاوية كان ولي الدم يريد المطالبة أولاً بقتلة عثمان، وحصل ما حصل بين الصحابة، ونحن نمسك عما جرى بينهم، ولا نتكلم فيه، ونترضى عنهم، ولكن نقول ما أخبر به ﷺ وقع فعلاً، ووقعت الفتنة، وكانت قتل عمر هو كسر الباب الذي دخلت منه الفتن على المسلمين، وقضى الله قضاءه، وشاء ما شاء، وقدر ما قدر، فقتل في تلك الأحداث من قتل من خيار المسلمين.
وكان للمنافقين ولعبد الله بن سبأ اليهودي وغيرهم من أهل الشر الدور العظيم في حصول تلك الفتن.

المقصود بقوله:  وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين

00:13:46

وأخبر النبي ﷺ أن هناك دجالون كذابون قريب من ثلاثين يبعثون، والمقصود ببعثهم هو ظهورهم، لا بعث الرسالة، فإن بعث الرسالة يكون للأنبياء.
وقال في الحديث: قريب من ثلاثين.
وجاء في رواية عند الإمام أحمد -رحمه الله-: أن هؤلاء الثلاثين يكون بينهم يبعث سبعة وعشرين منهم أربع نساء، ويكون ما ذكر من الثلاثين هو جبر للكسر.
وأما بالنسبة لمن ظهر فقد ظهر عدد من الدجالين منهم مسيلمة الكذاب، ومنهم الأسود العنسي، ومنهم طليحة الأسدي الذي رجع، وتنبأت سجاح امرأة، وتزوجها مسيلمة، ثم رجعت بعده، فهؤلاء قد ظهروا، فذكر الإمام أحمد -رحمه الله- عن حذيفة بسند جيد: في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي[رواه أحمد: 23406، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 4258].
جاء في هذه الرواية قال: كلهم يزعم أنه رسول الله[البخاري: 7121، 3609، ومسلم: 7526]يعني يدعي النبوة.
ومدعو النبوة كثر، ادعى النبوة أناس كثيرون، قد يكونون بالمئات، ولكنهم رؤوسهم الذين كان لهم شأن كبير، وفتنة كبيرة، وعظيمة، وأتباع، وربما صار قتال بينهم وبين المسلمين، فهؤلاء لا يتجاوزون الثلاثين كما أخبر النبي ﷺ، وإلا فالمدعون الصغار للنبوة كثر.

المقصود بقوله: وحتى يقبض العلم

00:15:39

قال في هذا الحديث: وحتى يقبض العلمفأما قبض العلم فهو ظاهر؛ لأن قبض العلم سيكون فيه ذهاب العلم، بذهاب العلماء؛ لأن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا من الصدور، وإنما يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا قبض الله العلماء بقي الجهال فاتخذ الناس رؤوسًا جهالا، فأفتوا بغير علم، وضلوا وأضلوا. وكذلك فإن من الظواهر التي تدل على ذهاب العلم: أن يلتمس من يعلم المسألة فلا يوجد إلا بشق الأنفس، وربما لا يصل بعض الناس إلى من يسأله، فيظهر الجهل، ويظهر مفتين كذبة، بعضهم يفتي بالهوى، وعلى ما يريد الناس، ولأجل المال، ولأجل الدنيا، وبعضهم يفتي بالجهل حبًا للترأس، ولأن يسأل، ولأن يكون له مكانة بين الخلق، وهذا الشيء قد رؤي عيانًا، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وقد حصل ما حصل من قبض العلم بموت كثير من العلماء.
والمراد بالعلم بطبيعة الحال هو علم الكتاب والسنة، والعلماء هم ورثة الأنبياء، فالعلماء مع قلتهم لا يزالون في فناء، ولا يزالون في نقصان، وسيكون نهاية رفع العلم -كما ذكرنا- بزوال المصاحف والقرآن من الأرض، وأن يبقى الناس جهلة ما فيهم واحد يذكر الله .
وهذا الحديث كونه يشير إلى ذهاب العلم، لا يعني الاستسلام، وأن يقال: إن هذا وقتنا الذي سيذهب فيه العلماء، ولا يبقى فيه أحد، لا، وإنما هو حذرنا من وقوع هذا الشيء، وليس بالضرورة أن يقع في حياتنا وفي زماننا، فقد يقع بعدنا، وبعدنا بمدة، ولذلك فإن على المسلمين مسؤولية في نشر العلم، حتى لا نكون نحن الزمن الذي تقع فيه هذه الكارثة، وكذلك يكون مقاومة انتشار الجهل، بحفظ الكتاب والسنة، وكلام العلماء، والجلوس إليهم، والأخذ عنهم.
وكذلك تحصيله بالقراءة في الكتب، وسماعه، ونشره، بالطباعة والتسجيل، وغير ذلك من الوسائل، بحيث أننا لا نكون نحن هذا الجيل السيء الذي ينتهي فيه العلم.
ولذلك كان من بركة اليقظة الإسلامية المعاصرة: انتشار العلم، ونشره بين المسلمين.

المقصود بقوله: وبين يدي الساعة سنوات الزلازل

00:19:07

وأما بالنسبة لقضية كثرة الزلازل، فقد وقع كثير منها في البلاد الشمالية والشرقية والغربية.
والمقصود بكثرتها، شمولها ودوامها، ولذلك جاء في حديث أحمد: وبين يدي الساعة سنوات الزلازل، وعند أحمد عن أبي سعيد: تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة.
وما نسمعه أيضاً في هذا الزمان من مسألة كثرة الزلازل أمر مشاهد، فإنك تسمع بالأخبار العظيمة التي فيها القتلى الكثر، وتخريب المدن والمنشآت، ونحو ذلك، وهذا حق؛ لأن النبي ﷺ قد أخبر به.
والزلازل هذه لها صور، ولها أشكال، قد تكون حركة واضطرابًا، قد تكون خسفًا، وقد قال النبي ﷺ لعبد الله بن حوالة لما وضع يده على رأسه، قال: يا بن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك[رواه أحمد: 22540، وأبو داود: 2537، وقال الألباني: "إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي"؛ كما في صحيح أبي داود: 2286].
-طبعًا- الناس يقولون: إنه قد مضى وقت وما حدث شيء ونحو ذلك؟
فالناس يستعجلون: وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ[الحـج: 47].

المقصود بقوله: يتقارب الزمان

00:20:46

وقوله في الحديث: يتقارب الزمان إما أن الزمان يسرع إسراعًا أكثر من قبل، وإما أن البركة تزول من الوقت، بحيث أنك لو كنت تعيش قبل ألف سنة مثلاً لأمكنك أن تعمل من الأعمال في الأربعة وعشرين ساعة أكثر مما تعمله الآن بكثير.
ولا يمنع أن يكون الأمران مجتمعان، فيسرع الوقت، وتنزع بركته، لا يمنع يعني إذا سمعنا قد ذكر ذلك العلماء أن الزمان يسرع أكثر من ذي قبل، فليس هذا بأمر مستبعد، فإن العلماء فسروا تقارب الزمان بتفسيرات منها هذا الإسراع، قد يعود ذلك إلى تسارع في حركات الكواكب، أو ما أشبه ذلك، الله أعلم به، لكن نزع البركة هذا معروف، وقد ذكره العلماء، وكذلك إسراع الزمان.
ويمكن أن يكون تقريب المسافات بالوسائل العصرية، في المواصلات والنقل داخل في هذا.
وكذلك انتقال الصوت بهذه الأجهزة التي قربت البعيد، فتتكلم معه من بعد كبير في مكانك.

المقصود بقوله: وحتى يكثر فيكم المال فيفيض

00:22:24

قال: وحتى يكثر فيكم المال فيفيضأي أن هذا المال يأتي عليه وقت يكثر فيه بحيث أنه يزيد عن حاجة الناس، يقول في الحديث: وحتى يكثر فيكم المال فيفيضوقد حصل في عهد عمر بن عبدالعزيز ورحمه- أن الناس طافوا بالصدقات والزكوات يوزعوها على الفقراء فلم يجدوا من يقبلها، فلم يجدوا من يقبل الزكاة والصدقات، "أغنى عمر الناس".

المقصود: تطاول الناس في البنيان

00:23:07

وكذلك جاء في الحديث: تطاول الناس في البنيانوقد حصل ذلك، فكل من كان يبني بيتًا يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، وربما يكون هذا من المباهاة، وربما يدخل فيه أيضاً المباهاة في الزينة والزخرفة، فالارتفاع الحسي، والارتفاع في قيمته وفي زخرفته وفي تشييده وفي بنيانه وتزيينه، ارتفاع حسي ومعنوي من جميع الجهات، فهم يتطاولون فيه علوًا، ويتطاولون فيه أيضاً زخرفة وتشييدًا.

المقصود بقوله: وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه

00:23:51

وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه يعني يتمنى الموت من شدة البلاء، وقد حصل هذا.
وإذا كان الإنسان لا يجوز أن يدعو على نفسه بالموت، لكن قد يقع في بعض الأحيان: أن يتمناه إذا كان يخشى على دينه؛ لأنه قد قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي[رواه البخاري: 5671].

أشراط الساعة الكبرى

00:24:37

والذي ذكره أيضاً هنا في الحديث من الأشراط الكبيرة قوله: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها هذا الشرط طلوع الشمس من مغربهاهو من الآيات الكبيرة، وعندنا آيات تدل على قرب قيام الساعة، وآيات تدل على حصول الساعة، فمن الآيات الكبيرة الآيات العشر الكبيرة من الأشياء التي تدل على قرب قيام الساعة جداً: خروج الدجال، ونزول عيسى، ويأجوج ومأجوج، والخسف، فخروج الدجال، ونزول عيسى، ويأجوج ومأجوج، والخسف، هذه من الآيات العشر الكبرى التي إذا حصلت تدل على أن الساعة على وشك القيام.
أما الدخان، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، والنار التي تحشر الناس، فهذا معناه أن الساعة قد ابتدأت بالقيام فعلاً، إذا طلعت الشمس من مغربها فرآها الناس آمنوا أجمعون.

المواطن التي لا ينفع فيها الإيمان

00:25:56

وفي رواية: آمن من عليهاأي من على الأرض كلهم قال: فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها من الذي لا ينتفع؟
الكافر، لأن المؤمن أصلاً مؤمن، أما الكافر الذي لم يكن مؤمنًا قبل طلوع الشمس، فإنه لا ينفعه إيمانه بعد طلوع الشمس من مغربها.
ويكون مثله من وصلت روحه إلى الحلقوم عند الغرغرة لا يفيده شيئًا.
وكذلك مثله مثل من نزل العذاب بالكفار فلم يكن ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا.
فإذًا، هناك حالات لا ينفع فيها الإيمان:
- إذا بلغت الروح الحلقوم.
- إذا طلعت الشمس من مغربها.
- إذا نزل عذاب الله بالكفار انتقامًا وبطشًا كما نزل بقوم ثمود وقوم فرعون.. وإلى آخره..
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ[الأنعام: 158].
بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ فسرها جمهور العلماء: بطلوع الشمس من مغربها.
وأما بالنسبة لما رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن أبي هريرة رفعه قال: ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض[رواه مسلم: 417]كيف يفهم هذا الحديث؟
لعل هذه الثلاث تكون متتابعة؛ لأن مدة لبث الدجال هو إلى أن يقتله عيسى، فالدجال يخرج ويمكث في الأرض إلى أن يقتله عيسى، ثم لبث عيسى في الأرض وخروج يأجوج ومأجوج، أمران متواليان؛ لأن يأجوج ومأجوج يخرجون في عهد عيسى، وعيسى يخرج والدجال موجود، عيسى ينزل والدجال موجود، ويأجوج ومأجوج يخرجون وعيسى موجود.
والذي يترجح-والله أعلم-: أن هذه الثلاثة قبل طلوع الشمس من مغربها، فذكر ابن حجر-رحمه الله- في الجمع بين الأحاديث قال: "فالذي يترجح من مجموع الأخبار: أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض" [فتح الباري: 11/353]فهناك سيأتي وقت تتغير فيه معظم الأحوال في الأرض، بداية التغير في الأرض تكون بخروج الدجال، وبعده عيسى، وبعده يأجوج ومأجوج، ينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم ، ويدفنه المسلمون، ويصلون عليه.
وأما طلوع الشمس من مغربها، فهو أول الآيات العظيمة المؤذنة بتغير العالم العلوي؛ لأنه سيحدث تغير في الأرض تحت، وسيحدث تغير فوق، في الكواكب والسماوات، العالم العلوي، فبداية التغيرات العظيمة في العالم الأرضي: خروج الدجال، بداية التغيرات العظيمة في العالم العلوي سيكون: طلوع الشمس من مغربها، وستنتهي العملية بقيام الساعة.
ولعل خروج الدابة يقع في اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها.
ولذلك جاء في صحيح مسلم -رحمه الله- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه: إن أول الآيات خروجا: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا[رواه مسلم: 7570].
أول الآيات: طلوع الشمس من مغربها.
إذًا، الأولية هذه بالنسبة إلى تغير العالم العلوي، وسيكون طلوع الشمس من مغربها مترافقًا مع خروج الدابة التي تختم على الناس، المسلم والكافر، ختم، فالنبي ﷺ قال: إن أول الآيات خروجا: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا[رواه مسلم: 7570].


والذي يظهر أن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة، ثم تخرج الدابة في النفس الذي تطلع فيه الشمس من مغربها؛ لأنه إذا طلعت الشمس من مغربها أقفل باب التوبة، فإذا أقفل باب التوبة استقرت أحوال أهل الأرض على ما هم عليه إيمانًا وكفرًا، فتخرج الدابة حينئذ لتميز المؤمنين على الكفار بالختم على وجوههم، تكميلاً للمقصود من إغلاق باب التوبة، لما أغلق باب التوبة ما عد ينفع الآن أي تغير من الكفر إلى الإسلام، فالدابة تخرج لتسم الموجودين، وتطبع عليهم: مؤمن كافر، وهكذا.. فيكون ذلك ظاهرًا الختم هذا من قبل الدابة العظيمة التي تخرج ظاهرًا على وجوه الناس في ذلك الزمان.
والكافر لا ينفعه إيمانه، وكذلك العاصي لا تنفعه توبته، ما لم يكن قد تاب من قبل، لا تنفع توبة، ولا ينفع إيمان، بل يختم على عمل كل إنسان بالحالة التي هو عليه.
فإذا تغير العالم العلوي بدأ التغير في العالم العلوي: طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك كل الناس سيخافون، ورغمًا عنهم سيؤمنون، ولكن لم يعد ينفع الإيمان، لم يعد ينفعهم في ذلك الوقت؛ لأنه ارتفع الإيمان بالغيب؛ لأنه وقت الأمور العظيمة، بدأت بالوقوع، مثل الإنسان إذا نزعت روحه ووصلت الحلقوم، وعاين الموت، وعاين الملائكة، وعرف أن المسألة كلها حق في حق، والموت حق والجنة والنار حق، وعرف أن هذه الدنيا فانية، لكن بعد فات الأوان.
إذًا، إذا بلغت الروح الحلقوم ما عدت تنفع التوبة؛ لأنها ارتفعت، ظهر عالم الغيب، انكشف الغيب المستور، وكذلك إذا طلعت الشمس من مغربها انكشف الغيب المستور، بدأ عالم الغيب يتجلى، فعند ذلك لا ينفع إيمان ولا تنفع توبة، فتوبة من شاهد ذلك الأمر كالمشاهد له مردودة.
ولا يعني طلوع الشمس من مغربها انتهاء كل شيء في تلك اللحظة، فربما تعود الشمس والقمر يكتسبان ضوءًا، ويطلعان ويغربان كما كانا من قبل، إلى أن يأذن بكسوفهما بالكلية، وتنكسف الشمس والقمر والنجوم، وتتصادم الكواكب، وتأفل النجوم، وتشقق السماء، وتنهار المخلوقات على بعضها، فربما يكون هناك وقت في آخر الزمان إلى أن ينفخ في الصور، وقد قال النبي ﷺ في توالي الآيات؛ لأن الناس سيعيشون حالات في الرعب، وسيعيشون حالات من الفزع؛ لأن الأحداث تتوالى بشكل مذهل، فقال ﷺ: الآيات خرزات منظومات في سلك، فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضا[رواه أحمد: 7040، والحاكم: 8461، وصححه الألباني في صحيح الجامع:2755].
خذ مسبحة واقطع السلك، كيف يحدث في الحبات؟ تتوالى وراء بعض، لا يوجد فرصة بين الحبة والتي تليها، تكون التوالي في خروجها من السلك، وهكذا تكون الآيات متوالية، ما يلحق الناس يأخذوا نفس، ولا يتراجع إليهم النفس، أو يهدأ روعهم، أو يرجع إليهم عقلهم وتفكيرهم؛ لأن المسائل تتوالى، وأشياء فوق التخيل، وفوق الوصف، ولذلك فلا يكون هناك وقت؛ لأن يتدارك الإنسان أمره: بين يدي الساعة عشر آيات كالنظم في الخيط إذا سقط منها واحدة توالت.
وعن أبي العالية: "بين أول الآيات وآخرها كتتابع الخرزات في النظام" وهو الخيط.
وفي آخر الزمان الوقت سيكون يمضي بسرعة شديدة -كما ذكرنا- مما يدل على ذلك يعني الوقت يتسارع جداً، والأحداث تتسارع، فقد قال ﷺ: لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر[رواه الترمذي: 2332، وأحمد: 10956، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 7422]السنة في الطول تكون كالشهر، يعني واحد على اثنا عشر، تختزل واليوم كاحتراق السعفة[رواه أبو يعلى: 6680، وقال حسين سليم أسد: "إسناده صحيح"]يعني يكون مرور اليوم سريع جدًا كاحتراق السعفة، هي أربعة وعشرين ساعة، لكن المرور سريع، ونزع البركة -كما ذكرنا سابقا-.

-وذكرنا-: أول الآيات: الدجال، ثم نزول عيسى، ثم بعد خروج يأجوج ومأجوج بعده، وطلوع الشمس من المغرب يكون بعد ذلك؛ لأن نزول عيسى سيكون فيه إسلام ناس كفار، كفار يسلمون ولا يبقى في الأرض كافر مطلقًا، إما قتل وإما إسلام، جزية لا تؤخذ، ولا تقبل، هذا من خصائص عهد عيسى لا تقبل الجزية من الكتابيين، وإنما إما إسلام وإما قتل، فهناك سينتفع ناس بالإسلام على يد عيسى ، فمعنى ذلك أن طلوع الشمس من مغربها سيكون بعد عيسى ، ومن تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه، فالذي يتوب بعدها لا يتوب الله عليه، فلا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طبع الله على كل قلب بما فيه، وكفى الناس العمل، فهذا بالنسبة لمسألة انتهاء مصائر الناس في الإيمان والكفر، بطلوع الشمس من مغربها، والنبي ﷺ حث على التوبة، وقال: ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها[رواه أبو داود: 2481، وأحمد: 16952، وقال محققو المسند: "حسن لغيره"].
ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب[رواه أحمد: 1671، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"]. إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرته سبعون سنة، لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه[رواه أحمد: 18118، وابن ماجه: 4070، وابن خزيمة: 193، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"].
فإذا طلعت الشمس من مغربها رد المصراعان، مصراعا الباب، فيلتئم ما بينهما فيغلق باب التوبة بالكلية. والشمس طلوعها من مغربها الذي ورد في الحديث يكون بناءً على أمر من الله ، ومنعًا منه ، إن الشمس إذا غربت سلمت وسجدت هكذا جاء في الحديث[رواه الحاكم: 8526، وقال الذهبي: "على شرط البخاري ومسلم"] وإن كنا نحن لا نراها تسجد، ولا نراها تسلم، لكن هذا ما يحدث؛ لأنه من عالم الغيب الذي لا ندكه إن الشمس إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنتفي الطلوع من المشرق فيؤذن لها حتى إذا كان ذات ليلة، التي هي نتحدث عنها الآن، فلا يؤذن لها وتحبس، وتحبس ما شاء الله -تعالى- ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت، قال: فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل[رواه الحاكم في المستدرك: 8526، وابن أبي شيبة في المصنف: 20810، وقال الذهبي: "على شرط البخاري ومسلم"].


وورد في بعض الآثار -والله أعلم بصحتها- أنه يطول ليل المتهجدين، ويستغرب الناس من طول الليل، وأن الشمس ما طلعت، وأن ذلك يعني يكون قدر ثلاث ليال، ونحوه، وأن الجار ينادي جاره: يا فلان ما شأن الليلة لقد نمت حتى شبعت، وصليت حتى أعييت، فيفاجؤون بأن الشمس قد طلعت من مغربها.
وقد جاء عن يزيد بن شريح وكثير بن مرة: أنه إذا طلعت الشمس من مغربها يطبع على القلوب بما فيها وترتفع الحفظة، وتؤمر الملائكة ألا يكتبوا عملاً.
وهذا الكلام يؤيده حديث عائشة عنها موقوفًا، والحديث هذا وإن كان موقوفًا على عائشة، لكن له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الكلام لا يقال بالرأي من قبل الصحابة، فلا بد أن يكونوا قد سمعوه من النبي ﷺ؛ لأنهم لا يتقولون على الله، ولا يتكلمون بغير الله، أخرج عبد بن حميد والطبري بسند صحيح من طريق الشعبي عن عائشة قال: "إذا خرج أول الآيات: طرحت الأقلام، وطويت الصحف، وخلصت الحفظة، وشهدت الأجساد على الأعمال"[تفسير عبد الرزاق الصنعاني: 2/72، وتفسير الطبري: 12/265].
فإذًا، ما دام الآن المؤمن مؤمن والكافر كافر، وانتهت القضية عند هذا.
إذًا، لا تكتب الحفظة شيئًا، ارتفعت الأقلام، وارتفعت الصحف، توقفت الملائكة الحافظون لأفعال العباد، توقفت عن الكتابة، وأغلق باب التوبة، وانتهت مصائر الناس بالإيمان والكفر على ذلك: لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا[الأنعام: 158].
هذا بالنسبة لخروج الشمس أو طلوع الشمس من مغربها.

المقصود بقوله: ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته...

00:40:58

قال في آخر الحديث: ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحتهواللقحة هي الناقة التي تدر اللبن انصرف بلبن لقحته.
وقال أيضاً في الحديث: يليط حوضه يعني يليط حوضه يجمع الحجارة، ويبني الحوض، ويسد الفرج بالمدر، وهو الطين لينحبس الماء، وهذا من فن عمل الأحواض؛ لأن الحوض إذا بني بالحجارة تكون فيه خروق ينفذ منها الماء، فلذلك يسدها صاحبها بالمدر قبل أن يملأه بالماء، هذا الشخص الذي انصرف بلبن لقحته ليشربه، وهذا الشخص الذي قد بنى حوضه من هذا الحجر، وسده بالطين، الفراغات، ذكر آخر قال: ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه، ولا يطويانه.
فإذًا، واحد حلب الناقة، وذهب ليشرب، لا يشرب، وواحد بائع ومشتري، نشر الثوب يعرضه البائع ليعاينه المشتري، فلا هما يطويانه، ولا هما يتبايعانه.
وكذلك قال في رواية: إن الساعة تقوم على الرجلين وهما ينشران الثوب فما يطويانهوهذا الرجل الذي بنى الحوض ليشرب منه، أو تشرب منه الدواب، فكذلك لا يستفيد منه شيئًا؛ لأنه يصعق في تلك اللحظة.
ذكر رجلاً آخر قال: ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته يعني لقمته، واحد رفع اللقمة إلى فيه، فلا يطعمها، لا هو يستطيع أن يردها إلى الطبق، ولا أن يضعها في فيه، لا يمضغ ولا يبتلع.
في رواية: تقوم الساعة على رجل أكلته في فيه يلوكها فلا يسيغها ولا يلفظها لا هو يبتلعها ولا هو يخرجها.
إذًا، الآن ما الذي حصل؟
مفاجأة للجميع، لا هذا استفاد من اللبن، ولا هذا استفاد من اللقمة، ولا هذا استفاد من الحوض، ولا هذا استفاد من الثوب، لماذا؟
قامت عليهم الساعة، ونفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغىأول ما ينفخ في الصور مفاجأة للجميع وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبلهيعني يصلح الحوض، ويضع الطين في الشقوق فيصعق[رواه الإمام مسلم -رحمه الله-: 7568].
وبعد الصعق -طبعًا- يموت جميع العباد، وتنسف الجبال، وتمد الأرض مد الأديم، وتتصادم الكواكب، وتتشقق السماء، ويتغير العالم العلوي والسفلي بالكلية، تمهيدًا لخروج الناس من قبورهم، وجمعهم في أرض المحشر، ليقدموا على الله  للحساب.

بعض أشراط الساعة الصغرى التي حدثت والتي ستحدث

00:44:34

هذا الحديث الذي أخبرنا به ﷺ لأجل الاستعداد ليوم المعاد، وذكر لنا أشياء وبعضها قد حصلت، يعني من الأدلة على أن الأشياء الكبيرة ستحصل: أن الأشياء الأخرى التي أخبرنا بها قد حصلت، فقد أخبرنا ﷺ بأشراط كثيرة للساعة.
أخبر: أن بعثته أول شرط من أشراط الساعة.
وموت النبي -عليه الصلاة والسلام- من أشراط الساعة، وقد حصل.
وفتح بيت المقدس حصل.
والطاعون حصل.
فاض المال حصل.
ظهور الفتن ومن قبل المشرق حصلت.
المقتلة بين الصحابة حصلت.
اتباع الأقوام الأخرى حصل.
ادعاء النبوة حصل.
انتشار الأمن ولم يخف الرجل إلا الذئب على غنمه حصل شيء من ذلك.
ظهور النار العظيمة في الحجاز بقرب المدينة في عام 654 حصل، وكتب عنها المؤرخون، وفصلوا فيها تفصيلاً شديدًا كثيرًا.
قتال الترك، وأن الترك يقاتلونا حصل.
وقتال العجم حصل.
وضياع الأمانة حصل.
وقبض العلم وصار.
كثرة الشرط وأعوان الظلمة ما أكثرهم.
انتشار الزنا وقع.
انتشار الربا وقع.
ظهور المعازف وقع.
كثرة شرب الخمر كذلك.
زخرفة المساجد مملؤة.
التطاول في البنيان قائم.
ولدت الأمة ربتها وقع ذلك فعلاً.
كثرة القتل ما أكثره.
تقارب الزمان نحن نحسه، تقارب الأسواق يشتري في هونغ كونغ والسلعة في أمريكا.
ظهر الشرك في الأمة فعلاً.
ظهرت الفواحش، قطعت الأرحام، أسيء الجوار، تشبب المشيخة صبغوا بالسواد، حصل.
كثرة الشح ولا أكثر منه.
كثرة التجارة، ما أكثره.
تعين المرأة زوجها على التجارة، طلعوا سجلات تجارية بأسماء زوجاتهم حصل.
كثرة الزلازل نسمع عنها.
ظهور الخسف والمسخ والقذف نحن منه قريب.
وذهاب الصالحين، ارتفاع الأسافل، أن يكون السلام للمعرفة، منتشر.
التماس العلم عند الأصاغر، ظهور الكاسيات العاريات، اذهب إلى السوق وتراه في الشوارع.
صدق رؤيا المؤمن لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب[رواه الترمذي: 2291، وأحمد: 7630، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"].
فشو القلم، انتشار الكتابة، الجرائد والمطابع، الأجهزة التي تنشر الكتابات، شيء يعني لا يصدق انتشارًا. وانتفاخ الأهلة، يرى الهلال لليلة، فيقال: عمره ليلتين، ولذلك لا يعول يقول: شوف كبير! هذا معناه أنهم أخطؤوا في رؤية الهلال!
نقول: لا.
من أشراط الساعة: انتفاخ الأهلة، يمكن الذي رأيته أنت منتفخًا على أشرط الساعة الواقعة.
كثرة الكذب، وعدم التثبت في الأخبار، لا يوجد أكثر منه فشوًا.
كثرة النساء، وقلة الرجال، تراه في البيت سبعة بنات وواحد، وربما لا يوجد.
وعودة أرض العرب مروجًا وأنهارا، ها هي الآن في طريقها للحصول؛ لأن النبي ﷺ كان مار بتبوك لما قال: يا معاذ يوشك أن ترى ما على ها هنا وها هنا مروجًا وأنهارًاوالآن الزراعة في تبوك والانتشار، وهذا متوسع وآخذ.
تمني الإنسان الموت، كثرة الروم، وقتال المسلمين.
بقيت أشياء من الأشراط الصغرى نحن ننتظرها -كما ذكرنا- مثلاً القذف والمسخ، يمسخ ناس قردة وخنازير من هذه الأمة سيقع قطعًا ولا بد، ربما يقع في عصرنا، ربما ندركه نحن في أعمارنا.
حدوث قذف من السماء، يقذفهم الله، ويمسخ ناس قردة وخنازير، سيقع قطعًا.
ستفتح القسطنطينية فتحًا غير هذا الفتح غير الذي حصل، وستفتح روما أيضاً، وسيخرج القحطاني، وكذلك سيحسر الفرات عن جبل من ذهب، وتكلم السباع الإنسان، فهذه أشياء نحن ننتظرها، نحن ننتظر هذه العلامات الصغرى الباقية.
-طبعًا- تكلم السباع الإنسان حصل على عهد النبي ﷺ، كلم الذئب راعيًا، فقد كان النبي ﷺ وأصحابه في مسجد المدينة فدخل راع، وسأل عن النبي ﷺ فدل عليه وأخبره بقصته، وقال: إنه كان مع غنمه في البادية فجاء الذئب فعدى على شاة فأخذها فتبعته، فاستنقذتها منه فأقعى الذئب على ذنبه، يقول: تأتي على رزق ساقه الله إلي، فتأخذه مني؟ فقلت: واعجبي ذئب يتكلم كلام الإنس؟ فقال: "ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد ﷺ بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق؟" وجاء الراعي إلى المدينة ودخل[رواه أحمد: 11809، وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الصحيح"]. وفعلاً رأى النبي ﷺ الذي يخبر الناس بأنباء من قد سبق.
وكذلك أخبر النبي ﷺ عن البقرة التي تكلمت، وأخبر أنه يؤمن بذلك هو وأبو بكر وعمر. فحصل قطعًا كلام من البقرة ومن الذئب، ولا يستبعد أن تحصل أشياء أخرى من تكلم السباع الإنسان.
نطق الحديد، نطق الحديد، مسجلات والراديو، والميكروفانات، ونطق الكمبيوتر، ونطق الحديد.
فإذًا، بقية الأشراط الصغرى أكثر الأشراط الصغرى حصلت. باقي كم واحد يعني من الأشراط الصغرى؟
مثل -كما ذكرنا-: فتح روما، وحسر الفرات عن جبل من ذهب، وغير هذه الأِشياء القليلة باقية، وبقي بعد ذلك الأشياء الكبيرة التي تبدأ بخروج الدجال، أول آية خروج الدجال.
فأقول: هذه الأشراط التي أخبر عنها النبي ﷺ هي موعظة ليستعد الناس؛ لأنها إذا حصلت قامت الساعة -كما ذكرنا- لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل هذا.
هذا، والله -تعالى- أعلم.