الخميس 10 شوّال 1445 هـ :: 18 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

33- تقديم الرأي على الوحي 2


عناصر المادة
اختلاف العقول وتباين الآراء
أهم أفكار وعقائد المدرسة العقلانية
يقولون: إن النبوة والرسالة نشاط بشري
إنكار المعجزات
يقولون: تأويل الآيات بما يتلاءم مع المكتشفات العلمية الحديثة
الطعن في الصحابة
التطاول على الحدود الشرعية

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فقد تحدثنا في درس مضى عن المخالفين لمنهج السلف في تقديم الرأي على الوحي، وقلنا: أن بدعة هؤلاء نشأت من تقديس العقل، وتقديم العقل على النقل، وأنهم زعموا أنه يتعارض الوحي مع العقل، وأنه عند التعارض يقدم العقل، وأن هذه البدعة أول من ارتكبها إبليس لعنه الله لما قدم رأيه على أمر الله وقال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً [الإسراء: 61].  أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص: 76].
وأن كل البدع التي خرجت في الإسلام كانت من جراء هذه النحلة الخبيثة، بما فيها بدعة الخوارج وبدعة المعتزلة.
والمعتزلة زعموا أنهم أهل العقل، وابتعدوا عن منهج الله ، بل إنهم قد غالوا في العقل ووظفوه في غير ما هو له، في البدع التي ابتدعوها والانحرافات التي انحرفوا بها.
وعرفنا أن العقل خلقه الله وجعل له حدوداً مثل بقية الحواس، وأن العقل بلا علم ضلال، وأن العقل الصحيح الصريح العقل السليم لا يمكن أن يخالف الوحي الصحيح.
وأن العقل مهم جداً في فهم الوحي، وأن العقل تابع للوحي، وأن له مكانة عظيمة والذين لا يعقلون ولا يتفكرون ولا يتدبرون أنهم كالأنعام، بل هم أضل سبيلا.
وأن القرآن فيه خطاب للعقلاء، وأن الله ذم الذين لا يعقلون، وأن للعقل مجالات، وأن العقل عليه أن يستسلم لأمر الله وأن يمتثل، وأن هناك أمور لا يستطيع للعقل أن يبلغها مثل الغيبيات، وأن العقل يمكن أن يعرف أشياء في الجملة لكن لا يمكن أن يهتدي لتفاصيل الأحكام، مثل: أنصبة المواريث، وكذلك الحدود، هذه ما هي عقوبتها بالتفصيل؟ وكم جلدة؟ وهذه عدد الركعات ونحو ذلك.
وأن العقل إذا استعمل الاستعمال الصحيح فإنه يزيد الإيمان؛ لأنه إذا وجه إلى النظر في ملكوت السماوات والأرض كما أمر الله، وإلى النظر في كتابه ، وتدبر وعقل ما أنزله الله فإن الاستعمال الصحيح للعقل يزيد الإيمان.


وقلنا: أن المخالفين المعاصرين لمنهج السلف في موضوع الرأي وتقديم الرأي على الوحي، أنهم مختلفون كما اختلف الذين قبلهم، وأنهم متناقضون كما ناقض وتناقض الذين من قبلهم.
وأن الذي اعترض على النبي ﷺ في قسمة الغنائم قدم رأيه على الوحي، وأن هذا ما يفعله المخالفون المعاصرون، وأن النحلة الخبيثة هذه قادها في العصر الحاضر أركان كانوا أعمدة لمدرستها، مثل جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده ونحو ذلك.
وأن مصادر العقلانيين: الاعتماد على العقل وحده، والرجوع إليه عند وجود تعارض في زعمهم.
وكذلك الأهواء والأمزجة لأنه في الحقيقة أن هؤلاء الذين يقدمون الرأي على الوحي إنما يقدمون هواهم ما يقدم شيء قطعي ثابت على الوحي، ولا يمكن أن يوجد أصلاً شيء قطعي ثابت صحيح يتعارض مع الوحي وإنما يقدمون آرائهم وأهواهم وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام: 116].
وكذلك أن هذه النحلة الخبيثة تقدم أقوال الفلاسفة على قول الله ورسوله، ولذلك ما يسمى بهذه المدرسة العقلانية، مع أن العقل السليم بريء منها يعني، حتى تسميتها بهذا التسميه فيه تجاوز، هؤلاء يرجعون إلى منطق أرسطو، يرجعون إلى أفلاطون، يرجعون إلى ما يسمى عقلاء اليونان والفلاسفة المشائين والرواقيين ونحو ذلك.
وكذلك يرجعون إلى المستشرقين في الحقيقة، ويقدمون بل هم متأثرون بكلام المستشرقين، وأنهم يقدسون العقل، ويتهمون أتباع منهج السلف الصالح بتقديس النص، ويقولون: أنتم تعبدون النصوص، أنتم وثنية نصوص، وفي الحقيقة أنهم يعبدون آراءهم وأنهم وثنية آراء.
أما الذي يتبع الكتاب والسنة لا يمكن أن يقال عنه وثني هو يطيع الله ورسوله، فكيف يقال عنه وثني؟
وهؤلاء يزعمون يعني أصحاب هذه النحلة أنهم يسايرون العصر، يعني أنه قضية تقديم الرأي هذه، أو تقديم العقل بزعمهم هذه هي المناسبة لهذا الزمن، وأنه لابد من إعادة فهم الإسلام فهماً جديداً لتقديم الإسلام معاصر غير إسلام السلف.
يقولون: هذا إسلام السلف كان يناسب مرحلة زمنية ماضية، الآن نحن لابد أن نأتي أو نقعد نؤصل نقيم نبين نبني ننظر لإسلام جديد، الإسلام العصري.


وذكرنا مقولات عن بعض هؤلاء في منظريهم المنحرفين المعاصرين: كحسن حنفي، وحسن الترابي، ودرويش، وغيرهم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم.

اختلاف العقول وتباين الآراء

00:06:35

وأننا عندما نبحث ننظر في كلام هؤلاء القوم، نجد أنهم في تقديمهم للرأي يبرز سؤال كبير وهو رأي من؟ وعندما يقدمون العقل بزعمهم فيبرز سؤال كبير وهو عقل من؟
عقل فلان وإلا عقل فلان وإلا عقل فلان؟ علماً أن العقول مختلفة تتفاوت يعني في قوة تفكيرها، وفي اجتهاداتها، واتجاهاتها.
وكذلك تتفاوت أيضاً في الآراء، يعني حتى لو جبت عقلاء، وطلبت منهم رأياً في حل مشكلة معينة ممكن كل واحد يعطيك رأياً من الآراء، فالآراء مختلفة.
فالسؤال إذا أردتم إذا أردتم أن نتبع العقل ونترك الوحي، ونقدم العقل على الوحي عقل من نتبع؟ عقل أفلاطون؟ عقل أرسطو؟ عقل ابن سينا؟ عقل مين يعني عقل من؟
فإذا أردتم أن نحكم العقل وعند التعارض بزعمكم نقدم العقل، فعقل من؟ هل في كذا شيء في العالم عقل وحده كذا العقل الكامل؟ هل في شيء اسمه العقل كذا مخلوق أو عقل موجود في الواقع هو العقل الكامل يرجع إليه مثلاً؟ هل هو شيء موجود في خادم من خوادم الكمبيوترات في سير ظرفي مكان نرجع إليه فيعطينا إذا تشكل علينا قضية نعود إليه فيعطينا رأياً أو يعطينا حلاً مثلاً.
فلذلك فرضيتهم القديمة، يعني من أيام اليونان العقل المطلق والعقل المثالي لا وجود له في العالم وين هو هذا العقل المطلق والعقل المثالي؟ حتى إذا رجعنا إليه حل لنا المشكلات وتحاكمنا إليه عند النزاعات، ولذلك يعني.
يقول ابن القيم رحمه الله: "المعقولات ليس لها ضابط يضبطها، ولا هي منحصرة في نوع معين، فإنه ما من أمة من الأمم إلا ولها عقليات يختصون بها.
قال: "فللفرس عقليات، وللهند عقليات، ولليونان عقليات، وللمجوس عقليات وللصابئة عقليات، بل كل طائفة من هذه الطوائف ليسوا متفقين في العقليات، بل كل طائفة من هذه الطوائف ليسوا متفقين على العقليات، بل بينهم فيها من الاختلاف والتباين -ما هو معلوم- ما هو معروف عند المعتنين به، فإنه ما من مدة من المدد إلا وقد ابتدعت فيها بدع يزعم أربابها أن العقل دل عليها" الصواعق المرسلة لابن القيم. [الصواعق المرسلة: 3/1067].
فمن الواضح عند ما يسمى بأصحاب الرأي، أو أهل العقلانيين المعاصرين، أصحاب المدرسة التي تسمى تنويرية، هؤلاء العصرانيون أن العقل الذين يرجعون إليه هو الغرب الفكر الغربي، إذا دققنا نجد أنه في النهاية مرجعهم إلى الفكر الغربي.


"والداعون إلى تمجيد العقل إنما هم في الحقيقة يدعون إلى تمجيد صنم سموه عقل، وما كان العقل وحده كافياً في الهداية والإرشاد وإلا لما أرسل الله الرسل" هذا كلام عبد الرحمن الوكيل في كتاب موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول.
فلماذا أرسل الله رسلاً إذا كان في عقل يكفي أو العقول تكفي؟ ولماذا أنزل الله كتباً؟ ولماذا جعل الله تشريعات؟

أهم أفكار وعقائد المدرسة العقلانية

00:10:09

مصائب هذه المدرسة الذين يقدمون آراؤهم على الوحي أنها شككت في أصول العقيدة، شككت في أحكام في القرآن والسنة، في التشريعات في الغيبيات، ولا يكاد يسلم شيء من الأصول والثوابت عندهم، ابتداءً من الرسالة والرسول والمعجزات والنبوة، والقرآن والملائكة، والجن والشياطين، وسائر المغيبات.
إنكار الإيمان بالغيب:
وشبهاتهم في هذا تدور في الغالب على إنكار الوحي الإلهي عموماً، والقرآن على وجه الخصوص، بدعوى أن العلم الحديث لا يقر بذلك أو لا يدل عليه.
ويقول مثلاً حسن حنفي: "يمكن للمسلم المعاصر أن ينكر الجانب الغيبي في الدين ويكون مسلماً".
فإذا قلت مسلم في ماذا؟
إذا انكرنا الغيب يعني انكرنا كل ما هو عند رب العالمين، يعني علمه اللوح المحفوظ، كتابة القضاء والقدر، الملائكة، معجزات الأنبياء، أي شيء يعني من الأشياء الغيبية.
يقول حسن حنفي: "يكون مسلماً بسلوكه" يجي بالجواب، يقول: ممكن يعني ينكر الغيبيات ويكون مسلم -طيب كيف؟- يقول: "أن يكون مسلماً بسلوكه".
ولذلك قلنا سابقاً أن الإسلام يكاد يكون عند هؤلاء في أركان غير الأركان المعروفة، كما قلنا: النظافة، البيئة، التقنية، المعاملة، يعني حول هذا حول هذه هي الصحة، هذه الأشياء التي يدورون عليها.
ويقول: "ألفاظ الجن والملائكة والشياطين بل والخلق والبعث والقيامة، ألفاظ تتجاوز الحس والمشاهدة ولا يمكن استعمالها؛ لأنه لا تشير إلى واقع ولا يقبلها كل الناس".
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "ودل إنكارهم على قلة مبالاتهم، وركاكة دينهم، وليس في إثباتهم مستحيل عقلي، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على إثبات هذه الغيبيات.
قال: وحق على اللبيب المعتصم –بكتاب الله- بحبل الله أن يثبت". [الجامع لأحكام القرآن: 2/50]
يعني ما نص الشرع على ثبوته، وأن هذا لا ينافي العقل الصحيح، والإيمان بالغيب هو محك التمييز بين المسلم والكافر.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله تعالى في أول صفة للمؤمنين: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3]. قال: "حقيقة الإيمان هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل المتضمن انقياد الجوارح". [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: 1/40].


قال: "وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس؛ لأنك إذا قلت آمنوا بالمحسوس حتى الكفار يؤمنون بالمحسوسات، فأين الفرق بين المؤمن والكافر؟ المؤمن: يؤمن بالله ولم يره، ويؤمن بملائكته ولم يره، ويؤمن بالبعث ولم يأتي بعد، ويؤمن بالجنة والنار ولم يرهما، ويؤمن بالحوض والصراط والميزان... إلى آخره. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: 1/40].
إذن هذه إذا قضية حصرت الإيمان بالمحسوسات ما صار ابتلاء للبشر ولا امتحان، والإيمان الذي يميز به بين المسلم والكافر؛ لأن تصديق ما جاء به الله ورسوله هذا واجب على المؤمن سواءً شهاده أو لم يشهاده، بل حتى لو ما فهمه.
افرض أن واحد ما فهم حكمة من شيء معين، ما فهم في أشياء ما يمكن أن العقل يدركها، مثل ما قال هذا واحد من العلماء سمع أن ابناً لأحد الخلفاء بدأ يدخل مع المعتزلة بدأ يدخل مع المعتزلة، في قضية تقديم العقل على النصوص والوحي، فقال له: يا بني يقول الله جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ [فاطر: 1].
وجبريل له ستمائة جناح، فأنت تصور يعني ركب لي جناحين تخيل في ذهنك، ركب لي جناحين ركب عن اليمين وعن الشمال، ركب الثالث فوق مثلاً، ركب الرابع الرابع تحت ركب الخامس خلاص بدأت الأجنحة عنده تتضارب؛ لأنه هذا يضرب على هذا، وهذا يضرب طبعاً.
قال: طيب وين بقية الستمائة؟ يدرك عقلك هذا؟.
قال الشيخ السعدي رحمه الله: "فهذا الإيمان الذي يميز به بين المسلم والكافر لأنه تصديق مجرد لله ورسوله، والمؤمن والمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به، وأخبر به رسوله سواءً شاهده أو لم يشهده، وسواءً فهمه عقله أو لم يهتد إليه عقله وفهمه بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية؛ لأن عقولهم قاصرة عقولهم القاصرة لم تهتد إليه، فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، ففسدت عقولهم، ومرجت أحلامهم". [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: 1/40].


أبو المظفر السمعاني رحمه الله من كبار أهل السنة، من العلماء الكبار عند أهل السنة يقول: "واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل –لا لأن أهل السنة يلغونه وأولئك يقيمونه لا أهل السنة يعتمدون على العقل، لكن فيما جاء الشرع بتوظيفه فيه، وأن له حدوداً، لكن أهل البدعة يطلقونه في كل شيء.
واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل، فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعاً للمعقول. وأما أهل السنة، قالوا: الأصل في الدين الاتباع، والعقل تبع –العقل تابع للنص العقل يفكر في النص، العقل يجتهد العقل يستنبط من النص، العقل يتدبر في النص العقل يدور مع النص حيثما دار-.
قالوا –يعني أهل السنة-: الأصل في الدين الاتباع، والمعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء. ولو كان الدين بني على المعقول لجاز للمؤمنين أن يقبلوا أشياء حتى يعقلوا".
إيش يعني المعقول؟ يعني ما تدركه العقول، فلو الدين يبنى فقط على المعقول خلاص أنكرنا أشياء كثيرة أنكرنا الملائكة العقل لا يدركهم لا يدرك وجودهم يقول: أنا ما لمس ما لمست ولا حسيت ولا شميت ولا رأيت، ولا سمعت ولا ذقت غير موجود.
قال: "ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله وما تعبد الناس به من اعتقاده، وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم، ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله ﷺ من ذكر عذاب القبر، وسؤال منكر ونكير، والحوض، والميزان، والصراط، وصفات الجنة، وصفات النار، وتخليد الفريقين فيهما لأدركنا.
قال: "وتخليد الفريقين فيهما أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها، فإذا سمعنا شيئاً من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق، وإنما علينا أن نقبل ما عقلناه إيماناً وتصديقاً، وما لم نعقله قبلناه استسلاما وتسليما" كلام مهم جداً للحافظ السمعاني رحمه الله في كتاب الحجة في بيان المحجة. [الحجة في بيان المحجة: 1/321].
والإسلام لا يقوم إلا على الإيمان ولا يتحقق إسلام المسلم إلا بالإيمان وأركان الإيمان غيب ولا يتم الافتداء بالقرآن إلا بالإيمان بالغيب: الم ۝ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْب [البقرة: 1-3].


والخوض في الغيب عبث وجهالة وخروج عن مقتضى الإيمان، الروح الذي بين جنبيك أنت بين جنبيك ما تدركها هل تدرك لها سمكاً؟ كثافة؟ حجماً؟ لوناً؟ هل تدرك لها شيئاً من هذا؟ وهي المخلوقة؟
فما بالك بصفات الله، واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا ومجيئه.
نقول: إن الخوض في الغيب عبث وجهالة وخروج عن مقتضى الإيمان، الله قال: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران:179]. ماذا سنفعل؟
ما عندنا إلا الإيمان به حتى لو ما عقلناه، ما عندنا إلا الإيمان به، فالخوض بالغيب كما يفعل رواد المدرسة الحديثة هذه العصرانيون والتنويريون تشكيك وتأويل وتحريف وتطاول على مقام الألوهية، خلاص الواحد لابد أن يتواضع لله ويعرف حده، وأنه مخلوق عاجز عن إدراك كل شيء المستقبل لا يعلمه لا يعلم أين يموت؟ ولا متى يموت؟ ولا متى تقوم الساعة؟ ولا كم رزقه غداً؟
فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ  [يونس:20]. كما قال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ [الأنعام:59]. قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ [النمل:65]. عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ۝ إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ [الجن:26-27].
ولو كان لأحد من خلق الله الاطلاع والتطلع على الغيب كله لكان النبي عليه الصلاة والسلام، لكن الله ما أطلع نبيه إلا على شيء من الغيب فأخبرنا به من أشراط الساعة وما بعد البعث ونحو ذلك: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الأنعام:50]. وقال: لَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ [الأعراف:188].
أما رواد هذه المدرسة خاضوا في الغيب، واللي ما أعجبهم منه نفوه. وقالوا: نعرض النصوص الوحي على العلم على المنهج العلمي التجريبي الحديث، فإذا أقر العلم التجريبي الحديث هذه النصوص أو ما تضمنته آمنا به وإلا ما نؤمن به، فجعلوا المعيار مختبرات الغرب العلم التجريبي الحديث، الآن صار عند الغرب، وصارت القضية قضية المادة المحسوسة هي التي يؤمنون بها، وما لم يكن كذلك ينفونه.
فنقول لهم: كم من عالم من علماء العلم التجريبي الحديث ملحد لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وهل هؤلاء التجريبيون أصحاب المخترعات والاكتشافات والوسائل العلمية الكبيرة الآن آمنوا بالله ورسوله؟ علمهم التجريبي قادهم كلهم إلى الإيمان بالله ورسوله ما آمن منهم إلا نفر قلة وكثيرون على الكفر والإلحاد.

يقولون: إن النبوة والرسالة نشاط بشري

00:21:31

أما موقف هذه مدرسة تقديم الرأي على الوحي من النبوات: فهي موقف خطير جداً؛ لأنهم يقولون: إن النبوة والرسالة نشاط بشري، وإننا لا نقبل وصاية سماوية علينا، وبما أن الأنبياء نبوتهم نشاط البشري لا نقبلهم أوصياء علينا؛ لأن عندنا عقول مثل ما عندهم عقول، لماذا عقل النبي ورأي النبي يمشي ورأينا لا.
هي غرور على جهل على جرأة على دين الله، على تأثر بالكفار، على إلحاد، على يعني تأثر بالفلاسفة في تقديس العقل مزيج يعني الانحراف هذا مزيج.
يقول الضال أحمد خلف الله: "البشرية لم تعد في حاجة إلى قيادتها في الأرض باسم السماء فقد بلغت سن الرشد وأن لها أن تباشر شؤنها بنفسها".
يقول: خلاص ما نحتاج أحكام.
يقول: "لقد حرر الإسلام العقل البشري من سلطان النبوة". كيف هذه تجي؟ ما ندري كيف الإسلام حرر العقل البشري من سلطان النبوة؟ لأن الإسلام هو الذي جاء بالنبوة. [الأسس القرآنية للتقدم: 44].
قلنا: إن بعض المعاصرين لهم مواقف خطيرة جداً، لكن قد يكون تراجع بعضهم عنها حتى ما نظلمهم.
يعني مثلاً محمد عمارة كان له آراء خطيرة يقول: "إن كون الشريعة الإسلامية هي خاتمة الشرائع السماوية للبشرية، إنما يعني: بلوغ البشرية سن الرشد بما يعنيه الرشد من رفع وصاية السماء على البشر".
يقول: إن البشرية الآن هي وصوله في سن الرشد معناها ماذا؟ معنى سن الرشد تبع البشري؟ رفع وصاية السماء على البشر.
هذا كلام خطير جداً يعني؛ لأن معناه خلاص البشرية ما تحتاج وحي عندها الآن خلاص خبرات وعندها اكتملت الأمور.
والله لو رأوا يعني لو رأى هؤلاء الغربيين يعني أصحاب التقدم والنضج أنهم إلى الآن لا يعرفون إزالة النجاسة، إلى الآن يعني ما عندهم شيء اسمه استنجاء استجمار، ما في يلبسون ثيابهم على نجاساتهم إلى الآن، ما عندهم ختان على كل الالتهابات التي تصيبهم في ذلك المكان.
ويقول أيضاً: "إن الإسلام لم يعترف لبشر بعد الرسول ﷺ بسلطة دينية فقد أنقضى زمن الوحي، وبلغت الإنسانية سن الرشد، وأوكلها الله إلى وكيله عندها القرآن، والعقل الذي جعله الله من أجل القوى الإنسانية، بل هو أجلها على الإطلاق" هذا في كتاب الدولة الإسلامية.
بينما نجد أن القرآن جاء لتحرير العقل من الخرافة، جاء لتحرير العقل من الشعوذة، جاء لتحرير العقل من الطواغيت وسلطانهم على البشر، جاء لتحرير العقل من الهوى كيف تقول: أنه يعني خلاص الآن أنه العقل هو يكفي تماماً وما في داعي للوحي، والله أرسل الرسول ليطاع: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [الكهف: 56]. يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا [الأنعام: 130].
النبوة ما هي من عند النبي النبوة من عند الله: إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى  [النجم: 4].


 

إنكار المعجزات

00:25:01

هذه المدرسة، مدرسة تقديم الرأي على الوحي تنكر المعجزات، ومن باب أولى إذا أنكروا معجزات الأنبياء أنهم ينكروا كرامات الصالحين، حتى لو ثبتت حتى لو ثبتت في القرآن.
الآن مثلاً من كرامات الصالحين في القرآن، مثلاً مريم -عليها السلام- كان يأتيها رزقها عندها كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً [آل عمران: 37].
وقالوا: أيضاً يجد فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، يعني حتى ما هو وقته: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران: 37].
هذه كرامات، كرامة لمريم، في كرامة لأصحاب الكهف، وفي كرامات ذكرها الله في كتابه، وفي كرامات في السنة ثابتة للصحابة في بعض الصحابة كانت تسلم عليهم الملائكة، في بعض الصحابة كان له نور يضيء وهو يمشي في الليل، في كرامات ثابتة لبعض الصحابة والتابعين.
فهذا كله طبعاً عندهم مرفوض لماذا؟
قالوا: هذا ما يقبله العقل ما يقبله العقل، كيف يعني كيف يعني عندها في المحراب طعام ورزق من جابوه عبر الجدران. يعني اختلق به القرآن؟ من وين؟ كيف؟ ما؟ العقل لا يقبل النتيجة انف.
وقد اضطربت آراؤهم أيضاً في هذا الباب، ويمكن يعني الشيء الذي نجى من معجزات النبي ﷺ هو القرآن، على أنه لا يسلمون به تماماً.
إيش يقول محمد فريد وجدي يقول: "وأما الآن حيث بلغ العقل أشده، والنوع الإنساني رشده فلا تجدي فيه معجزة ولا تنفع فيه غريبة"!!.
خلاص وكما في جاء مثلاً إذا كانت نفي المعجزات ونفي الكرامات حتى الأشياء الأخبار الغيبية يعني مثلاً: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ۝ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ۝ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ[الفيل: 1-4]. طَيْراً أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، ما مشت معهم، فقال محمد عبده في تفسيره: "هي الجراثيم".
اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر: 1].، ما مشت معهم كيف يعني انشق القمر؟ العقل ما يدخل أن القمر ينشق القمر، فقال بعضهم: "انشق القمر: بمعنى طلع وانتشر نوره".
طيب ما هو دائماً يطلع وينتشر نوره، وفي آخر الشهر يختفي فما هو الجديد في الموضوع يعني؟
قال شيخ الإسلام: "والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه. لم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه لكن المسرفون فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقاً وهي باطل وعارضوا بها النبوات وما جاءت به.


والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة، ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة، وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم" انتهى [مجموع الفتاوى: 3/339].
وكثير من المعجزات هذه والخوارق جاءت في البخاري ومسلم، وكتب السنن، والمسانيد، وبعضها متواترة وأجمع عليها المسلمون، فهذه المدرسة تضيق بالمعجزات والخوارق تضيق.
بينما شوفوا يا إخوان بينما انتبهوا معي بينما لا تضيق بالدجل والشعوذات الغربية والشرقية، ككثير من الأمور مثل المتعلقة بالعلاج بالطاقة، وقانون الجذب، وغير ذلك كثير.
بل حتى ذهبوا في قضية التنويم المغناطيسي إلى أبعاد، إلى أشياء بعيدة هي في الحقيقة خرافة ودجل، وحتى ما عليها إثباتات علمية، ولا حتى المجلات الطبية المعتبرة شهدت بها وأقرتها لأن عندهم يقولون: هذه أشياء روحية ما تقيسها المختبرات ولا الآلات، ولا تظهر بالتحليلات والكشوفات ما تظهر بالتحليلات.
فالعجب من قوم ينفون المعجزات والكرامات الثابتة، وثم يريدون أن يؤمنوا باليونج واليانج والجرفولوجي ماشي أنت يعني خط يحلل ممكن يحلل، يعني هذا معقد هذا سهل.
بعدين تجي على مرحلة يقول لك: أنت عندك مشكلات زوجية لا ما عليش يعني هاذيك تقول لي: الخط مفتوح كذا يدل على أن نفسته سهلة معقد مرضان ماشي نفسيته معقدة، يعني ممكن يعني بس عندك مشكلات زوجية وفي المستقبل مدري إيش هذه قراءة الفنجان وقراءة الضرب والخط والودع والمرمل وكرة الكريستال خلاص يعني شعوذة هي شعوذة هي شعوذة ودخلنا في الأساور ولبسوا أشياء والطاقة وشيء وبناء على نظريات يعني ما وصلت إلى مرحلة اليقين أبداً، ولا اكتسبت صفة القطعية أبداً.
يقول: في أبحاث تدل كذا على أنه الأساور هذه طاقة، ومدري إيش والطاقة السلبية والطاقة الإيجابية.
وعلى أية حال يعني نبين هذا إن شاء الله في ضمن سلسلة المخالفات لمنهج السلف؛ لأنه سلسلة المخالفات المعاصرة في درس السبت -إن شاء الله- عن الشعوذة العصرية.

 

يقولون: تأويل الآيات بما يتلاءم مع المكتشفات العلمية الحديثة

00:31:00

المدرسة هذه التأويل، مدرسة تأويل مدرسة تقديم الرأي على العقل، وتقديم الرأي على النص وعلى الوحي: ترى بتأويل الآيات والنصوص بما يتلاءم طبعاً مع المكتشفات العلمية الحديثة، فما عاد للقرآن قداسة، النص ما عاد نص له قداسة لأنه يمكن يحرف كما يريدون، وما عادت اللغة العربية لغة عربية؛ لأنه خلاص يمكن يذهب بالنص يلعب به يميناً وشمالاً، مع أن اللغة لا تحتمل ذلك أبداً فلا عندهم لا ضابط من النص، ولا ضابط من اللغة، ولا خلاص.


وقال بعضهم صرحوا: أن القرآن فيه أساطير، وكذلك السنة فيها نصوص ما يقبلها العقل.
يقول محمد عبده: "وأما ما ورد في حديث مريم وعيسى لم يمسهما الشيطان، وحديث إسلام شيطان النبي ﷺ، وحديث إزالة حظ الشيطان من قلبه أين ورد؟ في قصة إيش؟ شق الصدر؟
قال: "فهو من الأخبار الظنية؛ لأنه من روايات الآحاد، ولما كان موضوعها عالم الغيب والإيمان بالغيب من قسم العقائد، وهي لا يؤخذ فيها بالظن كنا غير مكلفين بالإيمان بمضمون تلك الأحاديث في عقائدنا". [تفسير المنار: 3 /240].
ردوا أحاديث في غاية الصحة حديث الذباب في البخاري، وسبق علقنا عليه.
ردوا حديث: لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة [رواه البخاري: 4425].
ردوا قضية تلبس الجن بالإنس.
ينكرون نزول عيسى في آخر الزمان مع أنه ثابت في الصحيحين وبالغ حد التواتر.
ويقول أحدهم: "إن حياة عيسى ورفعه ونزوله آخر الزمان، لم يثبت فيها شيء بدليل قطعي، يكون عقيدة يطمئن إليها القلب".
وكذلك بعضهم أوله، مثل محمد عبده أول نزول عيسى قال: "المقصود نزول حكمه في الأرض بغلبة روحه وسر رسالته على الناس، فأنكر إذن أن ينزل عيسى عليه السلام بجسده وروحه وأنه ينزل مع ملكين وأنه يقاتل الدجال ويقتله، ويقود المسلمين كل هذا خلاص.
يقول: "لا بس نزول عيسى يعني نزول رسالة عيسى نزول روحي روحاني". [تفسير المنار: 3/261].
أنكر بعضهم عذاب القبر ونعيمه، قالوا: كشفنا عن القبور وما وجدنا لا عذاباً ولا نعيماً، ليه؛ لأن القوم خلاص عندهم الإيمان بالمحسوس غير محسوس غير موجود لا نؤمن به وين الإيمان بالغيب: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 3]. ما في.
بل بعضهم حاول أن يفلسف، يعني مثلاً أن يقرب لك الآن هذا تفسير باطل يريد أن يقربه للناس، فقال: يعني عذاب القبر ونعيمه ما في شيء يثبته، وأنت ترى حلم مزعج وأنك تضرب وأنك يفعل بك ويفعل وبعدين تقوم من النوم وما في شيء ما في شيء. فصار عنده عذاب القبر ونعيمه أضغاث أحلام.
ردوا حديث موسى مع ملك الموت؛ لأن عقولهم لا تقبله وين اجتمعوا؟ وين كيف موسى وآدم؟ هذا في زمن وهذا في زمن يا جماعة الله على كل شيء قدير يا جماعة الله يجمع الأرواح بعد الموت بعد الموت تجتمع ممكن تتلاقى الأرواح، يا جماعة هذا غيب خلاص أخبرنا الله عنه نؤمن به ما عندنا ما في.
ردوا حديث سحر النبي ﷺ مع أنه في صحيح البخاري.


ردوا حادثة شق الصدر.
ردوا قصة المعراج، وعندهم استعداد أنهم يدخلوا في عالم التأويل الفاسد إلى أقصى شيء، المهم عندهم المهم ما يخالف نص العلم الحديث، والغرب ما يضحكوا علينا؟ أمشي الغرب ما يضحكوا علينا.
ولذلك تجد بعضهم أحياناً يعني في نقاشاتهم مع الغربيين لو الغربي انتقد حاجة في الإسلام، فيقول له: لا لا هذه ما هي ولا هي كذا أي شيء في التعدد، في الحجاب، في قضية الرق، في أي أحكام من أحكام الشريعة.
وحاول بعضهم إثبات نظرية دارون بالقرآن، يعني وصل لهذه الدرجة!  
لأن الغرب يقدس نظرية دارون ونظرية دارون تدرس في الجامعات الغربية، وفي كثير عندهم من يعني المناهج العلمية تعتمد نظرية دارون وتنطلق منها، فوصل الأمر بصاحب كتاب آذان الأنعام إلى أن يلوي أعناق النصوص، ويحرف الكلم عن مواضعه، ويفعل الأباطيل كلها لإثبات نظرية دارون من القرآن الكريم.
ثم يتهمون السلف وهذا هو يعني أساس موضوع هذه الدورة، فيقول صاحب آذان الأنعام يقول: "يجدر بنا أن ننوه إلى أن السلف لم يجتهدوا في إرجاع الكثير من القياسات، لأنهم أصلاً ما كان بوسعهم استيعاب مضمونها، حتى ولو رويت لهم بأبسط لغة، وما ذلك إلا لمحدودية علمهم بأسرار الكون آنذاك".
والله الذي لا إله إلا هو أن ابن عباس يعلم أكثر منه حتى في الكونيات.
لقد مرت هذه المعاني والألفاظ والقصص على الصحابة والتابعين وآمنوا بها، وصدقوا بها، وأقروا بها، لأنها جاءت عن الله ورسوله، وأبو بكر الصديق لما قالوا له: أسري به في ليلة قال: أنا أؤمن به بأعظم من ذلك، أنه يأتيه خبر السماء [المستدرك: 4458]
ما أؤمن أنه قد أسري به في ليلة وعاد.
قال الذهبي رحمه الله: "وإذا رأيت المتكلم المبتدع –المتكلم يعني صاحب علم الكلام والفلسفة والجدل- وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب وأحاديث الآحاد وهات العقل فاعلم أنه أبو جهل". [سيرة أعلام النبلاء: 4/472].


 

الطعن في الصحابة

00:37:20

طبعاً هؤلاء أصحاب هذه المدرسة عندهم طعن في الصحابة يلتقون مع الرافضة؛ لأن عندهم قضية أن بعض النصوص فيها مشكلة ولابد من إسقاطها وإسقاطها ... تسقطها بإسقاط الناقلين لها أطعن في عدالة الناقل يسقط الخبر وهذه خطة الرافضة كيف يسقطون الدين؟ بإسقاط عدالة من نقله.
خلاص اتهم الصحابة بالكفر تسقط العدالة، تروح النصوص، تروح الحديث تصدق حديث رواه كافر ومرتد.
فعند هؤلاء أصحاب مدرسة تقديم الرأي على الوحي القذف في الصحابة وفي عدالتهم وفي التابعين في السلف الصالح الطعن فيهم.
يقول طه حسين طبعاً من أركان هذه المدرسة: "ولاحظ أن جماعة من أصحاب النبي ﷺ حسن بلاءهم في الإسلام حتى رضي النبي ﷺ وبشرهم بالجنة أو ضمنها لهم، ثم طال عليهم الزمن واستقبلوا الأحداث والخطوب وامتحنوا بالسلطان الضخم العظيم، وبالثراء الواسع العريض، ففسدت بينهم الأمور وقاتل بعضهم بعضاً فما عسى أن يكون موقفنا من هؤلاء؟ لا نستطيع أن نرضى عن أعمالهم جميعاً فلا نلغ عقولنا وحدها، وإنما نلغي معها أصول الدين التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي".
أبو رية طعن في تميم الداري؛ لأنه روى حديث الدجال، والجساسة، ونزول عيسى.
طبعاً الآن الطعن في الصحابة لأنهم رووا نصوصاً لا تعجب هؤلاء، ولا تدخل عقولهم، هذا الغرور يعني يصير الأمر إلى تقديم عقولهم، أو أنفسهم على الصحابة، الله توعد من يخالف سبيل المؤمنين: وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النساء: 115].
النبي ﷺ أمر باتباع الخلفاء الراشدين المهديين من بعده النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عن خيرية السلف وقال: خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم [رواه البخاري: 2651].
فهؤلاء أفضل الأمة في الاعتقاد والقول والعمل، وهم السابقين إلى كل فضيلة وخير وإيمان وهم أكمل الأمة عقولاً، وأفصحها وأكثرها بياناً وعبادةً فيضللون بعد ذلك.
ثم إن الفرقة الناجية هي التي ما أنا عليه وأصحابي [رواه الترمذي: 2641، وصححه الألباني صحيح الجامع: 5343] أفيضللون أو يضلل بعضهم إرضاءً لعيون الغرب؟


ثم إن السلف أعلم بمراد الله ومراد نبيه من هؤلاء المتخلفين المتأخرين، لا عقل ولا نقل ولا لغة، حتى اللغة العربية اجترأوا عليها وما عاد يقبلون بضوابطها ومدلولات ألفاظها، فصاروا يحرفون الكلم عن مواضعه.
قال ابن عباس : "إنما أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيمن نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيمن نزل، فيكون لهم فيه رأي، فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا" انتهى. [فضائل القرآن للقاسم بن سلام: 76].
قال الشاطبي رحمه الله: "فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل" انتهى [الموافقات: 3/77].
قال ابن رجب رحمه الله: "فالعلم النافع من هذه العلوم كلها ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها والتقيد في ذلك -يعني في فهم معاني الكتاب والسنة- بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والسنة في معاني القرآن والحديث وفي ما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام والزهد والرقائق والمعارف" انتهى من كتاب فضل علم السلف لابن رجب [1 / 6] وهو كتاب مهم  في هذا.

 

التطاول على الحدود الشرعية

00:41:55

مما طالته أيدي هؤلاء الآرائيين العابثين الذين يسمون أنفسهم عقلانيين، وعصرانيين، وتنويريين، وتجديديين، وتحديثيين، طالت أيديهم بالعبث حتى الحدود الشرعية التي فرضها الله، وخصوصاً حد الردة بدعوى حرية الرأي، هؤلاء مفتونون مفتونون بالغرب؛ لأن الغرب يقدس حرية الرأي حتى لو ترى ضياع على الزنا فزنى بها وزنت معه أي شيء أنت بتلحد الحد تسب الله سب حرية رأي.
والانفتاح الفكري واحد يبغي يغير دينه ويطلع من الإسلام، يصير نصراني، يصير بوذي، يصير ملحد، خلاص إيش لك فيه؟ حرية رأي حرية رأي، ولازم يكون عندك انفتاح فكري، وتقبل الآخرين تقبل الآخرين، تقول: خلاص الآخرين كلكم خير وكلكم بركة، وكلكم صح، وكلكم إيش كلكم صح. طيب بوذي هندوسي صح هذا يصير حق.


يقول جودة سعيد: "الكفر ليس ذنباً دنيوياً، والكفر ذنب أخروي، فالله يحاسب الكافر عليه والملحد له حق أن يعيش محترماً، وإن استطاع الملحد أن يقنع الناس بإلحاده فلا حرج عليه لكن أهم شيء لا يفرض رأيه بالقوة".
يعني إذا الملاحدة أرادوا أن يشتغلوا بين المسلمين بكل أدب وليونة وسهولة يشتغلوا ما في مانع يشتغلوا ويقنعوا، يعني وإن وجدوا شاباً واحد طائش وواحد ما عنده علم، وواحد يمشي عليه الشبهة، وواحد يعني قبل كلامهم اشتغلوا ما في مانع.
ملحد ويبغى يسوي ندوى يدعو إليها أبناء المسلمين ويدعو فتيات مناقشة عصرية كذا انفتاح فكري ما في مانع ما في مانع عند جودة سعيد.
قال: "يجب أن نزيل التنابز بالكفر، يعني كلمة كافر هذه تلغى من القاموس تماماً خلاص ما في كافر انتهينا كافر هذه ما في الدنيا كافر آخرة يعني خلاص ربهم يحاسبهم". [المدرسة العصرانية: 225].
أما خالص جلبي المنحرف الضال المضل من زعماء هذه المدرسة عصرياً، فيعترض على حكم الله وحكم رسوله ﷺ بقتل المرتد، ويقول خالص جلبي: "في المجتمع الإسلامي مجتمع لا إكراه، لا يقتل الإنسان من أجل آرائه".
واحد رأيه أنه مثلاً الله ظالم تعالى الله عن قوله، خلاص هذا رأيه إذا في شيء ما عجبه في الله، في رسوله، في دينه، في كتابه، يقول رأيه .. على أنه قتل رأيه.
قال: "في المجتمع مجتمع لا إكراه لا يقتل الإنسان من أجل آرائه أياً كانت الأفكار، سواءً تركاً، أو اعتناقاً، اعتنق بوذية، خرج من الإسلام، صار ملحد، سب الله، سب الرسول ﷺ أياً كان". [المدرسة العصرانية: 226].
طبعاً قطع يد السارق يقول يقولون: هذا كان هذه وحشية الآن وحشية، ممكن تتناسب مع عصر سبق، الآن بنيت سجون حضارية بنيت سجون حضارية، وإذا جيت تناقشهم، تقول: قال الله ورسوله. يقول لك: قالت منظمة (هيومن رايتس)
كذا كذا تجي قال الله ورسوله، قال: قالت (هيومن رايتس) هيومن رايتس تقدم على قال الله وقال رسوله ﷺ؟!!!


ألم يخبرنا رسول الله ﷺ بحديثه: حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً رواه ابن ماجه وحديث حسن. [رواه ابن ماجه: 2538، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة: 231].
قال ابن كثير رحمه الله: "والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت انكف الناس-أو أكثرهم- عن تعاطي المحرمات، وإذا ارتكبت المعاصي كان سبباً في محق البركات من السماء والأرض" هذا في تفسيره. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة: 179] [تفسير ابن كثير: 6/320].
جاءت الحضارة الغربية فأنكرت وتجرأت على ذلك فتجرأوا معها، وإذا جيت وقلت: أروني ماذا فعلت سجون الحضارة الغربية في معالجة الإجرام؟ ادخلوا في سجن خمسة نجوم يطلع يقول: أخ يعني يرتكب جريمة ثانية عمداً ويقول: أصلاً أنا ما وجدت برى السجن خدمات مثل الذي في السجن أنا برى ما عندي مأوى ما عندي إيجار فأنا أصلاً أنا أعمل جريمة على شان أرجع للسجن حبيبي خمسة نجوم.
هذا يعني على مهزلة يعني. طبعاً من شبهاتهم في حد الردة قالوا: حدود قاسية مصادمة، ثم جعلوا يأتون من الدين قالوا: طيب لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256]، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99].
فيقال لهم: هذا الإكراه المنفي الإكراه على الدخول في الدين ابتداءً، الإسلام يريد من الناس أن يدخلوا باختيار، أن يدخلوا رغبة وأن يدخلوا قناعة، ثم نحن لما نأتي بلداً، ونعرض على أهله قبل أن نقاتلهم الإسلام والجزية، يا أهل الكتاب إذا رفضوا القتال طيب إذا قالوا: أدخلوا بلدنا وأحكموها بالإسلام ما نقف أمامكم نقول: نترككم على دينكم لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256].
إذا قالوا: ندفع لكم الجزية نقول: شرعاً خلاص: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256].، لكن واحد مسلم يخرج من الدين فيكون بوابة خروج لمن أراد، ما أحد شيء عجبه في الدين خرج منه فماذا يكون في الشريعة التي جاءت لحفظ الدين إيش يصير؟
الكافر المعاند الذي رفع السلاح يقاتل فضلاً عن المهاجم للمسلمين، وهذه الحدود إنما شرعها الله صيانة للدين، وصيانة للعقل مثل حد للشكر، وصيانة للعرض مثل حد القذف حد الزنا، وصيانة للمال مثل حد السرقة، وهكذا.


طبعاً موضوع الجهاد عند المدرسة الذين يسمون أنفسهم أهل مدرسة أهل العقل وأهل الرأي الحديثة عندهم مسألة يعني هذا الجهاد السم الناقع والعدو المبين، ولذلك انصرفت جهودهم كلها إلا أنه فقط الجهاد هو جهاد الدفع فقط، وبناء على ذلك يكون شغل الصحابة كله في فتح البلاد والجهاد جهاد الطلب ودخول الناس في دين الله أفواجاً في الشام والعراق ومصر والمغرب وما وراء النهر خرسان كله غلط في غلط خلاص طبعاً اتهام الصحابة.
طبعاً حكم الجزية هذا أصلاً مرفوض، الرق كله مرفوض، ويعني ماذا ماذا وماذا من المصائب العظيمة التي يقول بها هؤلاء؟ دعاية المستشرقين خوف من الغربيين عاد ماذا فعلوا بآيات الجهاد؟
مرة يقولون: منسوخة، ومرة يقولون: كذا المقصود بها الدفاع فقط، طيب: قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ [التوبة: 123]. طيب: قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [التوبة: 36]. أين؟ كيف تصير على جهاد الدفع هذه؟
قال شيخ الإسلام: "لا يوجد بين آيات الجهاد والصفح تعارض يوجب القول بالنسخ –يعني آيات الجهاد والنسخ- وليس فيها شيء منسوخ قطعاً، ولكن يصار إلى الآيات المكية في حال ضعف المسلمين، وإلى الآيات المدنية في حال إيش؟ قوة المسلمين". [أقوال العلماء في الرسالة المنسوبة إلى شيخ الإسلام: 1/14].
متى كفوا أيديكم؟ إذا كان المسلمين فيهم ضعف مثل الزمن هذا ومتى يقومون بما أمر الله به؟ في حال القوة والقدرة كعصور العزة التي مضت.
والله أمر بالقتال في سبيله لتكون كلمته هي العليا وأنزل القرآن ليحكم في الأرض أنزله ليحكم في الأرض وأنزل: الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد: 25] حتى إذا واحد حتى إذا كان هناك ناس ما يريدون حكم القرآن فالحديد لهم بالمرصاد: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال: 39].
قال ابن القيم رحمه الله: "جهاد الدفع: يقصده كل أحد، ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً. وجهاد الطلب الخالص لله: يقصده سادات المؤمنين –لتكون كلمة الله هي العليا". [الفروسية: 189]. طبعاً لكن ليس إلا مع القدرة، ما في قدرة لا نرفع سلاحاً.