الجمعة 20 رمضان 1445 هـ :: 29 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

هل سباع الحيوانات وغير مأكول اللحم من الحيوانات طاهرة؟


خامسًا: ما تبقى من الحيوانات مما لا يدخل في الأقسام السابقة، سواء كان من السباع: كالأسد، والنمر، والفهد، والذئب، أو جوارح الطير: كالصقر، والنسر، والعقاب، ونحوها، أو غير مأكولة اللحم من غير السباع؛ فهذه محل خلاف بين أهل العلم، فمذهب المالكية ما هو المتوقع؟ الطهارة؛ يعني: إذا صاروا إذا في الكلب قالوا بالطهارة معناها في غيره من باب أولى.

ومذهب الشافعية: طهارة جميع الحيوانات إلا الكلب والخنزير، يعني عرق الأسد، عرق النمر، عرق الذئب مثلاً طاهر وإلا نجس؟ أحكام يحتاجها الموظفون في حديقة الحيوانات مثلاً، فعند المالكية قالوا بالطهارة، عند الشافعية قالوا بطهارة جميع الحيوانات إلا الكلب والخنزير، ومذهب الحنابلة نجاسة سباع البهائم، والطير ذات المخالب، والسباع ذوات الأنياب السباع، والطير ذوات المخالب، عندهم نجسة، وهي حية الآن كلامنا وهي حية.

وقد ورد في الدلالة على النجاسة والطهارة أحاديث لكنها إما ضعيفة أو لا يصح الاستدلال بها، وأقوى ما يستدل به على الطهارة ما هو؟ ما هو غير الكلب والخنزير؟ الكلب والخنزير قلنا القول بنجاستها كلها قوي.

غير الكلب والخنزير؟ لا على طاعم يطعمه الآن ما نتكلم على قضية الأكل نتكلم عليها وهي حية، طاهرة وإلا لا؟ قلنا هناك من قال بالطهارة كثير.

ما أقوى دليل للطهارة؟ الأصل، وهو الأصل في الأشياء الطهارة، فإذا قلت تريد أن تقول بنجاسة في شيء منها هات الدليل، تقول لي نجاسة الصقر نجاسة الذئب هات دليل، الأصل في الأشياء الطهارة، فالناقل عن الأصل إذا جاء واحد ونقل عن الأصل لا بد أن يأتي بدليل، فأقوى ما يستدل به على الطهارة التمسك بالأصل.

وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء فقالوا: "الراجح طهارة سباع البهائم: كالذئب، والنمر، والأسد، وجوارح الطير: كالصقر، والحدأة، وهو الموافق للأدلة الشرعية" هذه الفتوى بتوقيع الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد الله بن قعود رحمهم الله.

والذين استدلوا بالنجاسة ماذا قالوا؟ حديث عبد الله بن عمر سمعت رسول الله ﷺ وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب فقال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" قالوا فلولا أن شرب السباع منه ينجسه لم يكن لمسألتهم عنه ولا لجوابه إياهم بهذا الكلام معنى، لما يقول إذا كان الماء قلتين؟ إذا كان طاهرًا خلاص يطلق، لماذا يقيد بالقلتين، فيعني إذا كان الماء قليلاً معناها أن السباع تنجس.

قال ابن التركماني في الجوهر النقي: "وظاهر هذا يدل على نجاسة سؤر السباع، إذ لولا ذلك لم يكن لهذا الشرط فائدة، ولكان التقييد به ضائعًا" [الجوهر النقي: 1/250]، وهذه الشريعة منزهة، عن النصوص والشريعة.

قال شيخ الإسلام: "ولا يقال لعله أراد إذا بالت فيه؛ لأن الغالب أنها إنما ترد الماء للشرب، والبول فيه نادر، فلا يجوز حمل اللفظ العام على الصور القليلة، ثم إنه يعني ﷺ لم يستفصل" ما قال للسائل، السائل يقول له الماء ترده السباع طاهر أو لا؟ قال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ما قال: البول وإلا السؤر وإلا الشرب، ما استفصل، شرح العمدة لابن تيمية. [شرح عمدة الفقه لابن تيمية: 1/89].

أيضًا قالوا إن النبي ﷺ حكم بأن الهرة ليست بنجسة وهي من السباع وعلل بذلك بأنها من الطوافين علينا والطوافات، فيفهم ذلك أن غيرها من السباع غير الطوافة أنها نجسة، نحن الآن نتكلم في أدلة الذين يقولون بالنجاسة.

ومن اللطائف: ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث سنة ثلاثمائة وستة عشر للهجرة، قال: "وفيها توفي من الأعيان: بُنان بن محمد بن حمدان أبو الحسن الزاهد، ويُعرف بالحمّال، وكانت له كرامات كثيرة، وله منزلة كبيرة عند الناس، وكان لا يقبل من السلطان شيئًا، وقد أنكر يومًا على ابن طولون شيئًا من المنكرات، وأمره بالمعروف، فأمر به فأُلقي بين يدي الأسد، فكان الأسد يشمُّه ويحجم عنه، فأمر برفعه من بين يديه وعظمّه الناس جدًا، وسأله بعض الناس عن حاله حين كان بين يدي الأسد فقال له: يعني أنت كيف نفسيتك؟

قال: "لم يكن علي بأس قد كنت أفكر في سؤر السباع، واختلاف العلماء فيه: هل هو طاهر أم نجس؟"[البداية والنهاية: 11/158]

ولو كنا نحن كان قلنا: بماذا سيبدأ بي؟

إذن، آخر ما ذكرناه الآن: أن الحيوانات غير مأكولة اللحم من السباع هناك خلاف في طهارتها.