الخميس 19 رمضان 1445 هـ :: 28 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الاستقامة


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أهمية الاستقامة
معنى الاستقامة
جوانب الاستقامة
الخروج عن جادة الاستقامة
معانٍ خاطئة للاستقامة
الخطبة الثانية
ثمار الاستقام
شمولية الاستقامة للدين كله

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب70- 71.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أهمية الاستقامة

00:01:27

يقول الله في محكم تنزيله: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَسورة فصلت30، وقال : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَسورة الأحقاف13، هاتين الآيتين -أيها الإخوة- تبين كل واحدة منهما عظم أمر الاستقامة، وما أعد الله للمستقيمين على شرعه، والاستقامة -أيها الإخوة- يمكن معرفة عظمها وخطرها إذا تأملت حديث رسول الله ﷺ: شيبتني هود[رواه الترمذي3297]رواه الترمذي وهو حديث صحيح. شيبتني هود، سورة هود التي أنزلها الله على رسوله ﷺ شيبته، فظهر الشيب في رأسه من شدة ما لاقى من أوامر هذه السورة العظيمة، وما اشتملت عليه من الأحكام الكبيرة، ومن هذه الأشياء كما ذكر بعض المفسرين، أن من الأسباب التي شيبت رسول الله ﷺ من سورة هود قول الله في هذه السورة: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَسورة هود112، الأمر بالاستقامة لرسول الله ﷺ، هذا الأمر -أيها الإخوة-، هذه الكلمة الموجزة التي هي من دلائل نبوة رسول الله ﷺ، ومجامع الكلم التي أوتيها ﷺ، هذه الكلمة كانت وصية لرسول الله اكتفى بها لذلك الرجل الذي سأله من الصحابة وهو سفيان بن عبد الله لما قال له: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، أعطني يا رسول الله وصية عظيمة جامعة لا أحتاج بعدها أن أسأل أحداً غيرك من الناس، أعطني خلاصة هذا الأمر، أعطني ما يجب عليَّ في حياتي كلها، فقال رسول الله ﷺ: قل: آمنت بالله ثم استقم [رواه مسلم38]رواه مسلم.

معنى الاستقامة

00:04:34

أيها الإخوة: لا بد أن نعلم ما هي الاستقامة، قال العلماء: الاستقامة: هي لزوم طاعة الله ، وهي نظام الأمور، لا تنتظم الأمور إلا بالاستقامة، والاستقامة كما عرفها بعض السلف: هي لزوم سنة رسول الله ﷺ، فالاستقامة إذن هي الدين كله، قل آمنت بالله ثم استقم[رواه مسلم38]، لم يكتف رسول الله ﷺ من ذلك الرجل أن يقول: آمنت بالله بلسانه فقط، وإنما أمره أن يستقيم على هذا الإيمان.

أيها الإخوة: إن معرفة الحق ممكنة، يمكن للناس أن يعرفوا الحق في أمور كثيرة، وأن يلتزموا به يوماً من أيامهم، ولكن المشكلة الثبات على هذا الحق الذي عرفوه، الثبات على هذا الإيمان الذي وصلوا إليه، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا سورة فصلت30 على هذا الإيمان، وعلى هذه المقولة.

أيها الإخوة: من الجوانب التربوية التي يحرص الإسلام عليها أن يجعل المسلم يسير على طريق مستقيم، أن يمسكه الطريق، ويدله عليه بالآيات والدلائل والبينات، والأنوار التي تضيء للمسلم الطريق، ولكن من الناس من يسلك هذا الطريق فيكمله حتى النهاية، ومنهم من يسلك هذا الطريق فيتعثر به، ثم يعاود النهوض فيمشي، ثم يتعثر فيجلس ويقعد، ثم يقوم ويمشي ويتعثر، ثم يقوم ويمشي وهكذا، خطوات فيها تردد، مشي فيه تباطؤ، ومن الناس والعياذ بالله من يسلك الطريق من أوله ثم ينكص على عقبيه، فيرتد إلى طريق الضلالة والعياذ بالله.

فإذًا أيها الإخوة: من هنا نستطيع أن نعلم لماذا قال الله : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواسورة فصلت30 ثم استقاموا على هذا الطريق، قل آمنت بالله ثم استقم[رواه مسلم38]، واصل المشوار دون تلكؤ ولا تباطؤ، وهذه المشكلة داء كثير من المسلمين، لا يعرفون المواصلة ولا الاستمرارية على الطريق الذي سلكوه، وقد يصرف بعضهم جهداً كبيراً حتى يصل إلى الطريق، فإذا ما وصل إليه تقاعس، وهبط، ولصق بالأرض، وطينتها، ومادياتها، وزخرفها، وزينتها.

جوانب الاستقامة

00:08:11

أيها الإخوة: إن الاستقامة هي الدين كله، الاستقامة لزوم طاعة الله، ومن هنا كان لا بد أن يحصل شيء من التقصير أثناء استقامة الإنسان، ولذلك أمر الله المستقيمين بالاستغفار فقال الله : فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُسورة فصلت6، لماذا قال: وَاسْتَغْفِرُوهُ، بعدما قال: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ؟ لأن الاستقامة قد لا تتهيأ كاملة لكثير من الناس، فيجب عليهم أن يستغفروا الله إذا استقاموا على الطريق حتى يذهب هذا الاستغفار ما حصل منهم، ويحصل من التقصير والتفريط.

كذلك أيها الإخوة: إذا نظرتم إلى جوانب الاستقامة نجد أن الاستقامة في جميع جوانب الدين وأموره، لا بد من الاستقامة على العقيدة الصحيحة، العقيدة التي هي إيمان بالله ، وتوحيد له بجميع أنواع التوحيد، توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، استقامة على العقيدة التي تعني أن الإيمان قول وعمل، وليس هو تلفظ باللسان فقط، العقيدة هي التي تدفع الإنسان إلى العمل، وليس ذلك الإيمان البارد الذي هو مجموعة من الألفاظ التي يتلفظ بها الناس، إن هناك مشكلة في سلوك كثير من المسلمين، أن اعتقاداتهم التي يؤمنون بها ليست محفزاً لهم على العمل، ولا دافعاً لهم لمزيد من التقديم لطاعة الله .

الاستقامة في جانب التزام سنة رسول الله ﷺ، والبعد عن البدع، لذلك كانت الاستقامة وسطاً بين التفريط والإفراط، بين الغلو والتقصير، الغلو الذي حصل من الخوارج في صدر الإسلام، الغلو هو مضاد للاستقامة التي أمر الله بها، مع أن الخوارج كانوا يصلون صلاة أكثر من صلاة الصحابة، يقول الرسول ﷺ للصحابة رضوان الله عليهم: تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم[رواه البخاري5058] يقصد الخوارج، يعني أنهم يصلون كثيراً ويصومون كثيراً جداً، حتى إن الصحابة قد يحتقرون صلواتهم إلى صلاة الخوارج من كثرتها، وصيامهم إلى صيام الخوارج من كثرة صيام الخوارج، لكن القضية أيها الإخوة ليست شعائر تؤدى بكثافة فقط، وإنما هو منهج، وتصور صحيح، وسنة منضبطة لها قواعد جاء بها الإسلام تحدد الطريق، إذا زاد الأمر عن حده انقلب إلى ضده، هؤلاء الخوارج الذين خرجوا على صحابة الرسول ﷺ وقاتلوا المسلمين المتمسكين بالدين تمسكاً صحيحاً، قاتلوهم بالسيف وذبحوهم، وأجروا دماءهم في الأنهار، معتقدين أن عملهم هذا قربة لله ، هؤلاء هم الغلاة، هؤلاء هم المتطرفين الحقيقيين.

الخروج عن جادة الاستقامة

00:12:22

التطرف والغلو: هو الخروج عن جادة الاستقامة يمنة أو يسرة، هذا هو الغلو، وهو مجاوزة الحد الذي أمر الله به ورسوله، أما أن يستقيم الإنسان على شريعة الله، فيتمسك بدين الله وشرعه، ويتمسك بسنة رسول الله ﷺ في الأقوال والأفعال، والظاهر والباطن حتى في الشكل والمظهر والملابس، هذا لا يمكن أن يسمى متطرفاً، ولا يمكن أن يسمى غالياً أو مغالياً، ولذلك أيها الإخوة نتيجة الجهل بمعنى الاستقامة، ونتيجة الجهل بحدود السنة صار كثير من الجهلة اليوم يطلقون على المتمسكين بسنة الرسول ﷺ متطرفين، ومغالين، ومتشددين، ومتزمتين، وهكذا.

لماذا؟

لأنهم جهلوا معنى التطرف ومعنى الغلو؛ لأنهم يجهلون أصلاً ما هي الاستقامة.

معانٍ خاطئة للاستقامة

00:13:37

أيها الإخوة: إن هذه الدعوات التي تظهر متهمة عباد الله المستقيمين على شرعه المتمسكين بدينه بأنهم متطرفون متزمتون من أهل الغلو، إنما هي من تخطيط أعداء الإسلام لكي ينفروا الناس عن هؤلاء المستقيمين على شريعة الله، لكي ينفروهم ويحذروهم بزعمهم من هذا المسلك.

أيها الإخوة: الذي يطلق ويسمي رجلاً من المسلمين التزم بسنة الرسول ﷺ في المظهر فأطلق لحيته، والتزم بثياب الرسول ﷺ فجعلها فوق الكعب كما أمر رسول ﷺ، وكما كان ثوب الرسول ﷺ، ولبس من الملابس المشروعة التي ليس فيها تشبه بالكفرة، وأصلح باطنه أولاً، فأخرج النفاق من قلبه والكذب من لسانه، الذي يسمي هذه الشخصية، وهذه التصرفات غلواً فإنه في الحقيقة يطلق على الرسول ﷺ أنه متطرف ومغالي؛ لأن هذه الأفعال من سلوكيات الرسول ﷺ ومن تصرفاته، فلو أطلقت على هذا الإنسان أنه متطرف أو مغالي فقد اتهمت الرسول ﷺ أعظم البشر، النبي المرسل من عند الله خاتم الأنبياء صاحب الشفاعة العظمى، أول من يدخل الجنة، سيد الأولين والآخرين اتهمته بأنه من أهل الغلو والتطرف، لذلك أيها الإخوة لا بد من الانتباه إلى هذه المسألة الخطيرة التي زلت بها أقدام كثيرين وألسنتهم، إلا من عصم الله.

أما الذي يخرج على المسلمين بالسيف فيقتّل الأبرياء المستقيمين على شرع الله ويفرّق المسلمين، والذي يصوم الدهر كله، ويصلي الليل كله بلا نوم، ويترك الزواج بالكلية، ولا يأكل اللحم مطلقاً، ويعيش نباتياً هذا الذي يمكن أن نسميه متطرفاً ومغالياً ومتزمتاً ومتشدداً، أما أن نأتي إلى رجل من عباد الله الصالحين، استقام على شرع الله، يؤدي الصلوات في المساجد، عرف معنى الإيمان، وعرف معاني العقيدة الصحيحة، التزم بشرع الله باطناً وظاهراً في مظهره، ثم نسميه متطرفاً أو غالياً في الدين فهذا لعمر الله هو التطرف بحده.

والاستقامة تكون كذلك في جانب السلوك، لا بد أن يكون سلوك الإنسان مستقيماً، لا بد أن تكون أخلاقه مستقيمة، لا يتلبس بشيء من سفاسف الأمور، أو الأخلاق السيئة، ولذلك يعتقد بعض الناس أن الاستقامة فقط في قضايا الأخلاق، فلذلك ترى أحدهم يسأل عن فلان الفلاني، ما رأيك في فلان؟ يقول: والله فلان مستقيم، تسأله كيف مستقيم؟ يقول: لا يكذب، ولا يشتم، ولا يسب، وإنسان لطيف، ومعاملته طيبة، ما يستعمل الرشوة، لا يخون في معاملاته، يؤدي الأمانة، لكن قد يكون هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات لا يصلي، قد يكون هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات قد خرج إلى الفسق بقضايا كثيرة ومخالفات عديدة يرتكبها في حق نفسه، فالناس اليوم، يعبرون عن الاستقامة ويقولون: إنسان مستقيم، بمجرد الأخلاق الطيبة، والأخلاق الطيبة في حد ذاتها لا تكفي، ولذلك يكون من المضحك جداً أن يأتي أناس قد تقدم لهم شاباً ليتزوج ابنتهم فيسألون واحداً يقولون له: ما رأيك في فلان؟ يقول: فلان ما يصلي، فيقولون: طيب، ما عليش، لكن كيف أخلاقه؟ هذه أيها الإخوة من الأشياء الحاصلة اليوم، لا يسألون عن التزامه بالدين وأحكام الدين، ضيع حق الله غير مهم، لكن كيف المعاملة مع العباد، هذا الرجل سيعامل ابنتنا في المستقبل، كيف معاملته طيبة وافقنا، هذا الفهم للاستقامة فهم قاصر جداً؛ لأنهم اقتصروا على الاستقامة في جانب واحد من الجوانب.

وكذلك يا إخواني الاستقامة هي أمر فردي وأمر جماعي، فإن هناك جوانب لا تتم الاستقامة بها على المستوى الفردي، لا تحصل ولا تنتج إلا على المستوى الجماعي، والدليل على ذلك قول الله في الآية التي أشرنا إليها: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَأنت لوحدك استقم كما أمرت يا محمد ﷺ؟ لا، فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْسورة هود112، فإذن نزل الأمر بالاستقامة للرسول ﷺ، المستقيم أصلاً، لكن ليزداد في الاستقامة ويثبت عليها، ومن تابع معه، ممن؟ من صحابة الرسول ﷺخير الأمة الذين تابوا مع الرسول ﷺ وسلكوا سبيل الاستقامة، فإذن هناك أمور لا بد من الاستقامة فيها في المجال الجماعي، مثال: الجهاد في سبيل الله، ومثال آخر: توجيه طاقات الأمة، ومثال آخر: معاملة المجتمع الإسلامي كوحدة واحدة مع الكفرة، إذن لا بد أن تكون استقامتنا استقامة فردية كل إنسان بنفسه، واستقامة جماعية، استقامة المجتمع كله لله .

وفقنا الله وإياكم لأن نكون من أهل الإخلاص والاستقامة.

وصلى الله على نبينا محمد.

الخطبة الثانية

00:20:37

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله خالق كل شيء، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

ثمار الاستقام

00:20:55

أيها الإخوة: الاستقامة تدخل في مجالات كثيرة، ولو تأملت انطباق الاستقامة اليوم، لو انطبقت أو طبقت تطبيقاً صحيحاً، لوجدت أنها الحل لجميع المشاكل، لو أن الأب استقام على شرع الله فربى أولاده تربية صحيحة إسلامية خالية من المنكرات والانحرافات، وعرف ماذا يطعم أولاده، وتحرى الحلال لهم، فهذا يساعد في إنشاء البيت المسلم، ويكون هذا البيت لبنة صالحة في المجتمع، لو أن الأم استقامت على شريعة الله فحفظت عرضها ومال زوجها وأولادها، واستقامت على شرع الله لتطهر البيت من كثير من الأرجاس والأنجاس، لو أن التاجر استقام على شريعة الله فتجنب الغش في بيعه وشرائه، وراقب الله في تصرفاته، ومشى على حدود الله وأحكام الله، وتجنب الحرام كالربا والرشوة وغيرها، ماذا سيحدث؟

لو أن المدرس استقام على شرع الله فاتقى الله تعالى، واستقام في طريقة تدريسه، وماذا يدرس، وكيف يدرس، وعرف كيف يستغل مكانه في تربية الطلبة تربية إسلامية كيف يكون الحال؟

لو أن القاضي استقام على شرع الله فلم يجر في الحكم، ولم يحف، وعدل العدل الذي أمر الله به، كيف يكون وضع المجتمع، وهكذا وهكذا من أصناف الناس، لو أنهم كلهم استقاموا على شرع الله، كيف يكون الأمر؟

شمولية الاستقامة للدين كله

00:22:54

أيها الإخوة: الاستقامة باب عظيم يشمل الدين كله، ولذلك قد لا يمكن للناس أن يمسكوا بكل أطرافه، ولذلك يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم: استقيموا ولن تحصوا، أمرهم بالاستقامة، وأخبرهم بأنهم لن يستطيعوا أن يلموا كل جوانب الإسلام، وأن يفعلوا كل ما أمر الله به ، ولذلك قال بعدها: قاربوا وسددوا [رواه مسلم2816]، معنى سددوا وقاربوا يعني: اتقوا الله ما استطعتم، قم بكل جهدك وطاقتك بما تستطيع أن تؤديه من حق الله ، لا تقصر لا تهمل، وبعد ذلك لو فاتك شيء خارج عن إرادتك وطاقتك فالله غفور رحيم.

وكذلك قوله ﷺ: قل آمنت بالله ثم استقم[رواه مسلم38]، وقول الله قبل ذلك: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا سورة فصلت30 تفيد فائدة تربوية عظيمة وهي: الاستمرار على عمل الطاعات، وعدم قطعها حتى ولو كانت نوافل، ولذلك كان أحب الأعمال إلى رسول الله ﷺ أدومه وإن قل، ولو كان قليلاً، لو ما يصلي الإنسان إلا ثلاث ركعات في الليل لكنه يستمر عليها، هذا شيء طيب، هذا أفضل من أن يصلي إحدى عشرة ركعة في الليل لمدة شهر ثم ينقطع فلا يصلي ولا ركعة، لو أن إنساناً يصوم يوماً واحداً في الشهر، أو يوماً في الأسبوع أو ثلاثة أيام في الشهر فقط، ويستمر عليها، هذا أفضل من الذي يصوم يوماً ويفطر يوماً لمدة ثلاثة أشهر ثم ينقطع عن الصيام تماماً طيلة عمره، فإذن المحافظة على الأعمال الصالحة نتيجة الاستقامة، ومن مقتضيات الاستقامة ومستلزماتها، قل آمنت بالله ثم استقم[رواه مسلم38]، واصل المشوار، أكمل ما أنت عليه من الطاعات، أكمل ما أنت عليه، وإذا تأملت معي الحديث القدسي الذي يقول: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه[رواه البخاري6502]كلمة لا يزال هذه من معاني الاستقامة، ما معنى: لا يزال يعني: هو مستمر لا يزال يتقرب ويتقرب ويتقرب ويقوم بالنوافل ويفعل حتى يصل إلى تلك الدرجة العظيمة محبة الله لهذا الإنسان وإذا أحب الله تعالى عبداً نادى في أهل السماء أحبوا فلان ابن فلان، ثم يطرح له القبول في الأرض.

فإذًا أيها الإخوة: من المعاني التربوية العظيمة للاستقامة الممارسة العملية اليومية المستمرة لهذه النوافل بقدر الطاقة، والاستمرار عليها وعدم قطعها، يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل[رواه البخاري1152]. قطع النوافل يقسي القلب، قطع الأشياء التي اعتادها الإنسان يقسي القلب، ويجعل النفس في وحشة بعيدة عن الله .

اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، الله يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم واجعلنا من أهل السداد والاستقامة، اللهم واجعلنا من أهل السداد والاستقامة، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللهم وانصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصر إخواننا المسلمين في فلسطين، اللهم أمددهم بجيش من عندك، اللهم وأنزل عليهم ملائكة من عندك تثبتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم من أراد منهم الله والدار الآخرة فكن معه يا موالانا يا الله، اللهم من أراد بعمله جهاداً في سبيلك، ومعاداة لأعدائك اليهود، اللهم ثبته وانصره وأيده بجند من عندك يا رب العالمين،،اللهم أهلك اليهود ومن شايعهم، اللهم إنهم طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، اللهم شنقوا أطفالنا فاشنقهم في الدنيا قبل الآخرة يا رب العالمين، اللهم واجعلهم عبرة لكل معتبر، اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً، اللهم وفرق جمعهم وشتت شملهم، واجعل دائرة السوء عليهم يا رب العالمين، اللهم إنك العزيز الجبار المتكبر، اللهم أنزل بهم بطشك ونقمتك يا رب العالمين، اللهم لا تجعل لهم قائمة في الأرض، اللهم إنهم أفسدوا وأفسدوا وأفسدوا، اللهم فاجعل دائرة السوء عليهم، وابطش بهم ونكل يا رب العالمين.

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءوَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

1 - رواه الترمذي3297
2 - رواه مسلم38
3 - رواه مسلم38
4 - رواه مسلم38
5 - رواه البخاري5058 
6 - رواه مسلم2816
7 - رواه مسلم38
8 - رواه مسلم38
9 - رواه البخاري6502
10 - رواه البخاري1152