الجمعة 20 رمضان 1445 هـ :: 29 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

أبراج الحظ تدمر أسوار الإسلام - 3


عناصر المادة
الخطبة الأولى
طرق محاربة الشريعة للشعوذة
بالعلم تدحر الشعوذة
العلاج الإسلامي البديل
بالحجة يدحر الدجاجلة
اتلاف السحر وفضح السحرة
الخطبة الثانية
من ألاعيب المشعوذين
أحكام التعامل مع المشعوذين
أيها المسافر بلغ دين الله

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران:102.يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء:1.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب:70-71،
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

طرق محاربة الشريعة للشعوذة

00:01:29

إخواني: تكلمنا في الخطبتين الماضيتين عن أمور تتعلق بالتنجيم، وهي أبراج الحظ المنتشرة في المجلات والجرائد، وتكلمنا عن بعض الأمور المتعلقة بالكهانة والسحر والدجل الذي يقارفه كثير من الجهلة وأعوان الشياطين، وحكم الذين يذهبون إليهم من المسلمين، وبينا صوراً كثيرة للبدع المنتشرة في هذا المجال، ونريد أن نختم الكلام عن هذا الموضوع في هذه الخطبة بتبيان الواجبات على المسلم، ما هو دوره في إنكار هذا المنكر الذي قد استشرى وانتشر كالهشيم في مجتمعات المسلمين، ما هي الوسائل التي يجب اتخاذها لكي نحارب هذه الأمور المنافية للعقيدة، والمخالفة لها من جميع الوجوه، ونحن نجمل بعض النقاط التي تتعلق بهذا الواجب، حتى تتكون لدى المسلم فكرة واضحة عن الأمور التي تساعده في محاربة هذه الأشياء، واعلموا بادئ ذي بدء -يا إخواني- أن طريقة الشريعة في محاربة الأوبة والأمراض تتلخص في قضيتين أساسيتين:

الأولى: تحقيق الشروط، والثانية: انتفاء الموانع.

فترى طريقة الشريعة في محاربة إتيان الكهان، أو البدع المتعلقة بالسحر والدجل والشعوذة، إذا تأملت فيها فإنك تجد الإسلام قد جاء بنصوص فيها تحقيق شروط التوحيد التي تؤدي إلى هدم قواعد السحر والكفر، والكهانة والتنجيم وغيرها، هذا من باب تحقيق الشروط، وأما الثاني: فإنك تجد الشريعة قد جاءت بنصوص تحرم إتيان الكهان والسحرة، وتحرم تلك الأعمال، بل إن فيها ألفاظاً شديدة من جهة الخروج عن شريعة الرسول ﷺ، والكفر بما أنزل عليه، وهذا من باب تحقيق انتفاء الموانع، ولذلك كان لا بد للمسلم عندما يحاول أن يحارب هذه الأشياء أن يبحث عن سبب المشكلة أولاً، فقد تجد أن السبب عند من يأتي المنجمين، وقراء الكف وغيرهم، أو يفتح أبراج الحظ في الجرائد والمجلات، قد تجد السبب في هذا أنه لا يؤمن بقول الله : قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُسورة النمل:65، ولم يستقر في عقله وقلبه مطلقاً أن الله هو الذي يتفرد بعلم الغيب، وأنه لا يمكن لأي أحد آخر أن يعلم الغيب.

تفرد الله بعلم الغيب، هذه المسألة عدم الإيمان بها هو سبب المشكلة، ولب الموضوع، فإذا أردت أن تجابه هؤلاء الناس فإن عليك أن تقر في أذهانهم هذه المسألة، وتأتي بالنصوص من القرآن والسنة، وأقوال علماء السلف أن الله هو الذي يعلم الغيب فقط، وأن من ذهب إلى أناس يعتقد أنهم يعلمون ما يحدث في المستقبل فإنه قد نازع الله تعالى في حق عظيم من حقوق الربوبية، وهو علم الغيب، وهذا كفر شنيع ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإذا تأملت مثلاً وأردت أن تعالج أحوال الناس الذي يعلقون التمائم الشركية، والأحجبة التي يسمونها بالعزائم، فإنك ستجد أن هؤلاء الناس يعانون من نقص خطير في فهم قول الله : وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَسورة الأنعام:17، والإيمان بهذا النص، وما شابهه، فإذن لو كانوا يؤمنون بأنه إذا مس الإنسان ضر فإنه لا يكشفه إلا الله ، فلماذا يذهبون إلى أولئك الكهان والعرافين يطلبون منهم أن يكشفوا هذا الضر الذي نزل بهم، وبالجملة، فإن تعليم الناس أسماء الله وصفاته من الأمور التي تحارب الشرك والدجل من أساسهما، وإذا انتقلت معي إلى الشطر الآخر -وهو انتفاء الموانع-، فإننا يجب أن نعلم الناس ما هو حكم إتيان الكهان، وماذا يكون حكم من صدقهم، ونأتي لهم بالآيات والنصوص الدالة على ذلك، وهذه مسألة سبق أن بيناها فيما مضى.

بالعلم تدحر الشعوذة

00:07:25

ثالثاً: من الوسائل -وهي وسيلة التي تخدم الغرضين السابقين- إقامة الحلقات العلمية في المساجد والبيوت، وغيرها من مجالس الناس، وأماكن اجتماعهم، التي تنتقى فيها المراجع الجيدة من كتب التوحيد التي ألفها علماؤنا الأجلاء، وتدرس دروس خاصة في هذا الجانب، يجمع لها الناس وخصوصاً النساء في البيوت الذي طالما صدقوا بهذا الدجل والشعوذة نتيجة قلة العقل والدين الذي طبعت عليه المرأة، فلو وجدنا مثلاً أن في مجتمعنا مسألة تعليق التمائم والعزائم منتشرة، وتعليق الأوتار والخيوط، فنأخذ مثلاً كتاب التوحيد وشرحه لمجدد الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومن شرحه، فنستخرج لهم من هذا الكتاب الأبواب المناسبة لمحاربة هذه الأدواء التي انتشرت فيما بينهم، ونقرأ عليهم: "باب من الشرك لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه"، والأبواب التي تتكلم عن العزائم والتمائم، وحكم تعليقها، والتصديق بما فيها، وإذا رأينا أن السحر هو المنتشر فننتقي لهم كذلك الأبواب التي تتكلم عن السحر والنشرة، وهو إزالة السحر وحله عن المسحور، وما حكم إتيان الكهان لرفع السحر، أو إزالته وحله، وهكذا، تعليم الناس وتوعيتهم بهذه الأمور، وتوزيع الكتيبات والأشرطة المتضمنة للشروح الجيدة لأبواب التوحيد، وكذلك الأبواب التي تبين أنواع الشرك حتى يحذرها الناس.

العلاج الإسلامي البديل

00:09:46

رابعاً: إعطاء البديل الإسلامي المشروع في علاج كثير من الأمراض والنوازل والأدواء التي بسببها يقع الناس في الشرك، ويحاولون لحلها وإزالتها أن يأتوا الكهان والسحرة، فيقعوا في الكفر والعياذ بالله، فنقول لهم مثلاً: إن في القرآن الكريم آية يقول الله فيها: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ سورة الإسراء:82، فإذن في القرآن شفاء من الأمراض البدنية والقلبية، وهذا السحر، أو العين مرض من الأمراض التي تصيب البدن بأشياء خفية، علاجها أين؟ في القرآن الكريم، مثل ماذا؟ مثل المعوذات، القواقل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِسورة الفلق:1، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِسورة الناس:1، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌسورة الإخلاص:1، وسورة الفاتحة، وآية الكرسي، وتُقرأ الآيات التي فيها ذكر السحر مثل قول الله : مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَسورة يونس:81، وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىسورة طه:69، على من أصيب بالسحر، فتنفعه بإذن الله، وتقرأ الآيات التي فيها الاستعاذة من شر الحاسد إذا حسد: وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْسورة القلم:51، فتنفع من أصيب بالعين بإذن الله، ونعلمهم كذلك أن لكل من هذه الأمراض طرق للعلاج بينها العلماء، فمن علاج السحر مثلاً استخراج السحر، والبحث عنه، وإتلافه بالحرق ونحوه حتى يزول أثره عن المسحور، وهكذا فعل رسول الله ﷺ لما سحره اليهودي الساحر لبيد، فإن رسول الله قد طلب السحر الذي سُحر به حتى استخرج له، استخرجه علي فأتلفه، فزال أثر السحر عنه ، وكثيراً ما يكون هذا في بيت الإنسان المسحور أو متاعه الشخصي، فينقب عنه، فإذا وجده أتلفه، فيكون هذا من أسباب زوال هذا السحر والضرر عن المسحور، وقد تنفع الحجامة كما بين ابن القيم رحمه الله في الزاد.

ونبين للناس أيضاً أن هناك آيات وأذكاراً ودعوات جاء بها الإسلام كنحو ما قدمنا قبل قليل من الآيات، ونحو قول رسول الله فيما علمنا الاستعاذات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق[رواه مسلم (2709)]، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامَّة[رواه البخاري (3371)]،  أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن[رواه أحمد (15035)]، وغيرها كثير من الأذكار الواردة في علاج هذه الأمور.

وكذلك علاج العين في صب غسالة العائن على المعين، بأن يؤمر فيتوضأ، ويغسل داخلة إزاره وأطرافه، ثم يؤتى بهذه الغسالة فتصب على المعين من خلفه، فيزول أثر العين بإذن الله، كذا روى أبو داود عن رسول الله ﷺ في الحديث الذي صح في ذلك، ويُقرأ على هذا الذي أصابته العين: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس، أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك[رواه مسلم (2186)]رواه مسلم.

فإذن -أيها الإخوة- نربط هؤلاء الذين قد وقع فيهم هذا المصاب بالله ، قرآن كلام الله، أذكار يذكر الله فقط، تعاويذ علمنا رسول الله ﷺ كيف نتعوذ، وبم نتعوذ، ومن أي شيء نتعوذ، فالقضية ربط هذا المريض بالله فقط، وهكذا ينفع العلاج إذا تم التوكل على الله، ويأتي بعض الناس يقولون: قرأنا فلم ننتفع، وجربنا فلم نبرأ، فنقول: إن البلاء في نفوسكم أنتم، ليس البلاء في الآيات والأذكار، والتعويذات النبوية، لو صح التوكل في قلوبكم على الله لبرئتم، ولكن لما أقبلتم على هذه الأشياء بنفس المجرب الذي يشك: هل تنفع أو لا تنفع؟ أو هل تؤثر هذه الآيات، أو لا تؤثر؟ وتأخذونها مأخذ المجرب الذي يشك في الأمور، فلذلك لم تنفع، فالبلاء في نفوسكم أنتم لا في هذه الآيات والأحاديث، صححوا التوكل، وصححوا الإيمان في القلوب، فإنكم تبرؤون باستخدامها بإذن الله.

بالحجة يدحر الدجاجلة

00:15:28

خامساً: مناقشة هؤلاء الدجالين والمشعوذين إذا استطاع الإنسان أن يصل إلى أحد منهم، أو قابله، أو مر على مجلس من مجالسه، حتى يبين لهذا الكاهن، أو الساحر، أو الدجال أن فعله شرك، ويقيم عليه الحجة، كما فعل رسول الله ﷺ في حديث الصحيحين أنه تقصَّد أن يذهب إلى ابن صياد الدجال، واختبأ لكي يصل إليه، فلم يشعر به ابن صياد حتى ضربه رسول الله ﷺ على ظهره من الخلف، ثم قال له -أصل القصة في الصحيحين، وهذه الرواية من صحيح مسلم- قال: " أتشهد أني رسول الله؟  قال ابن صياد: أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال ابن صياد لرسول الله ﷺ: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله ﷺ وقال: آمنت بالله ورسله، ثم قال له ماذا ترى؟ فقال: يأتيني صادق، وكاذب، قال فإني قد خبأت لك خبيئاً، قال ابن صياد: هو الدخ، قال اخسأ، فلن تعدو قدرك" [رواه البخاري (3055)]، وفي رواية: "قال له ما ترى؟ قال: أرى عرشاً على الماء، فقال رسول الله ﷺ: ترى عرش إبليس على البحر[رواه مسلم (2926)]، فناقشه وأفحمه، وأخبره أنه قد خبأ له آية من الآيات، وهي شرطاً من أشراط الساعة، وهي الدخان الذي يخرج، ولم يخبره ما هو الشيء الذي خبأه له، ولكن ذلك الرجل ابن صياد كانت الشياطين تنزل عليه، فتخبره بالخبر النازل من السماء، واسترقوا السمع فلم يسترقوا منه إلا نصف الكلمة، لم تسمع الشياطين إلا "الدخ الدخ"، لم تسمع الكلمة كاملة "الدخان الدخان"، فنزلوا على ابن صياد، فأخبروه، "فقال: الدخ الدخ، فقال اخسأ، فلن تعدو قدرك"، فأقام عليه الحجة، وألزمه بالحق، وكشف باطله، وبين له أنه من إخوان الكهان.

وكذلك كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مناقشته ومناظرته للبطائحية والرفاعية، وغيرهم وقال لهم لما دخلوا في النار، وزعموا أن أجسادهم لا تحترق، قال: اغسلوها حتى يزول هذا الدهن والنارنج وغيره من الأشياء التي طلوا بها أجسادهم؛ فلا تؤثر فيها النار، قال: اغسلوها، ثم ادخلوها لو كنتم صادقين، فبين عوارهم، وكشف دجلهم وباطلهم أمام الناس مجتمعين، وسبق أن ذكرنا في مرة ماضية مناقشته لبعض المنجمين رحمه الله تعالى.

اتلاف السحر وفضح السحرة

00:18:52

سادساً: من الوسائل -أيها الإخوة- إتلاف وتمزيق هذه الأشياء التي فيها السحر، وهذه التمائم المربوطة التي تُعلق، وهذه الوصايا المكذوبة التي سبق أن بيناها، كوصية خادم الحرم الشيخ أحمد، فيما كذب عليه، ونسب إليه، كما بين ذلك أقرباؤه، وغيرها من الوصايا التي تنتشر بين الناس، من لم يكتبها يحصل فيه من المصائب كذا وكذا، ولا زال هذا -أيها الإخوة- حتى هذه الساعة، توزع في بعض المساجد هنا يقوم بعض الجهلة بتوزيعها، والجهلة الآخرون بأخذها، وتصويرها، ونشرها، هذه الأشياء التمائم والعزائم، وهذه الأوراق المنتشرة، يجب أن نمزقها ونحرقها أمام الناس لنبين لهم أنه ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في السماء إلا بإذن الله، وأن من يمزق هذه ويحرقها لا يصيبه شيء إلا بإذن الله، وأنني قد مزقت هذه الورقة أمامكم أيها الناس -مثلاً- فما أصابني شيء، وهذا كذب، وحتى لو أصابني، فإني أعتقد وأؤمن بأن ما أصابني ليس بسبب تمزيق هذه الأوراق، وإنما لأن الله قدر علي هذا: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ۝ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِسورة القمر:49-50، القدر والقضاء من الله تعالى، فنمزق، ونحرق هذه الأشياء، ونقول للناس: انظروا ماذا تغني عنكم؟ وماذا حصل لنا لما أحرقناها ومزقناها؟ فنبين للناس عملياً دجَل وكذب ما هو مكتوب فيها.

سابعاً: كشف حقيقة الكهان والمشعوذين، والعرافين والسحرة للناس، وأنهم يتعاملون مع شياطين الجن، وأنهم يقعون في الكفر، نبين للناس فنقول: إن الذين يأتون هؤلاء الكهان الذين يتصلون بشياطين الجن لا يرضون منهم إلا أن يقعوا في الشرك، حتى يقع هذا المريض المسكين الجاهل يقع في الشرك، فيطلب الكاهن يقول له: إن الجني الفلاني يطلب منك لكي يعالجك أن تذبح له ذبيحة، فيذبح هذا المسكين للشيطان، فيكون قد وقع في الشرك، وهو الذبح لغير الله، أو يقول: أريد مالاً، أو أريد شيئاً، وهكذا من الأشياء، أو يقول: يطلب منك أن تدعوه، وتقول: يا فلان اشفني، أو عافني، أو أزل كربتي، فيقع في الشرك، وهو دعاء غير الله، فنكشف للناس نقول: انظروا ماذا يطلبون لكي يزيلوا الضر بزعمهم الذي نزل بكم؟ يطلبون منكم أن تقعوا في عين الشرك.

ولذلك إذا وجدت -يا أخي- بعض الآيات في الأحجبة التي يكتبها هؤلاء المشعوذون فلا تظن بذلك خيراً، ومثل هذا لا يفرح به أبداً، فإنه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: فإنهم يكتبون كلام الله بالنجاسة، يأخذ من النجاسة يقطر قلمه بها، فيكتب بها الآيات بعدما يلوثها بحبر ونحوه، أو يكتب كلام الله الآيات بالدم النجس، وغيره، وقد يقلبون الحروف، ويكتبون الآيات بالمعكوس، هذا لكي يضلوا الناس، ويهينوا كلام الله .

ثامناً: نشر قصص الدجالين والمشعوذين، ومن انخدع بهم بين الناس في المجالس حتى يحذروا منهم، فيقال للناس مثلاً: هذا المسكين الذي كان به دين قال له بعض المشعوذين: هات مائة وستين ألفاً، ونحن نجعلها لك مليون وستمائة ألف، ثم خدعوه، وأخذوا المال وهربوا، وتلك المرأة التي قصصنا قصتها في الخطبة الماضية، التي سمعتك كلام ذلك الكاهن المشعوذ، فكوت ابنتها بثلاث كويات بمسمار محمى للاحمرار، فصارت تلك العلامات في ظهر البنت حتى الآن، هذه البنت التي تشكو إلى الله صنيع أمها الجاهلة، وتقف تلك الكويات في ظهرها، وهذه التشويهات عقبة أما كل خاطب ومريد للزواج، فإذن تبيين هذه الأشياء، وعرضها للناس يزيل الغشاوة عن أعينهم.

تاسعاً: تنبيه الناس إلى الغش والوسائل التي يستخدمها أولئك الدجلة، بعض الناس يأتي ويقول: يا أخي، إن الكاهن، أو الرجل الفلاني لما ذهبت إليه قال: سيحدث لك غداً كذا، أو بعد أسبوع كذا، أو بعد شهر كذا، وقد حدث لي فعلاً بالتفاصيل التي ذكرها، كيف تقول: أنه دجال ومشعوذ، لقد رأيت بعيني ما أخبرني به قد حصل؟ ماذا نقول للناس عند ذلك؟ وهذا كثير منتشر، نقول: أولاً: إن الكلام الذي قد أخبروا به إما أن يكون خبراً عاماً من الممكن أن يحصل جداً لأي إنسان، كما سبق أن بينا في الخطبة الأولى عن موضوع التنجيم وأبراج الحظ، يكتبون: مكافأة مالية ستصلك، وكل الناس ممكن أن تصلهم مكافآت مالية، فإذا حدثت قال: صدق الكاهن، وأي صدق في ذلك؟! ترى غائباً قادم من سفر بعيد، من الممكن جداً أن ترى غائباً قادم من سفر بعيد، فنبين لهم هذه الخديعة، إن كانوا قد أخبروا بأشياء لا تحدث في العادة، فقال لك مثلاً: إنك ستذهب إلى الصين، وتقابل كذا وكذا، وحدث لك أن ذهبت فعلاً، فنقول للناس عند ذلك: الأحاديث التي قالها رسول الله ﷺ: الشياطين بعضهم فوق بعض[رواه الترمذي (3223)]إلى السماء، فتسمع الخبر الذي تتناقله الملائكة، الله يوحي للملائكة: افعلوا كذا، ولفلان كذا، وأنزلوا كذا، فيسمع بعض الشياطين الخبر، فينقلونه إلى شياطين الإنس، فيكذبون معه تسعة وتسعين كذبة، ثم يخبرون الناس، والناس المشكلة فيهم أنهم لا يتذكرون من كلام الكاهن إلا المرة التي صدق فيها، يكون الكاهن قد أخبر مائة خبر، خبر واحد صادق، وتسعة وتسعون كذب، الناس مشكلتهم أنهم لا يتذكرون، ولا يعلق في أذهانهم إلا الخبر الصادق، فيقولون: وي فلان صدق، عجباً لقد أخبر بما تحقق فعلاً، إذن هو يعلم ما في الغيب، وينسون تلك الكذبات، فنقول لهم: هذا بسبب استراق السمع من الشياطين الذي يخبرون أولياءهم من شياطين الإنس، فيخبرونكم أنتم به، فتظلون.

كذلك -أيها الإخوة- يأتي بعضهم فيقول: لقد ذهبنا إلى الكاهن، أو العراف الفلاني، وقبل أن نسأله عن شيء بمجرد ما أخبرناه عن الاسم -اسم الآتي-، أخبرني عن اسم أبي، واسم أمي، وأسماء أخوالي، وأسماء أعمامي، وأين كانوا يعملون، وكيف انتقل أحدهم من بلد إلى آخر، وماذا جاء لفلان من الأولاد، كيف عرف هذا؟! وهذا الكاهن في بلد بعيد ذهبت إليه! فنقول له: يا أخي، افهم بأن الجن قال الله عنهم: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْسورة الأعراف:27، هم يروننا من حيث لا نراهم، ويرون أحوالنا، ويسمعون كلامنا، فينقله هذا الشيطان إلى ذلك الكاهن الذي أنت تأتيه، يقول له: إن فلان له من الأخوال كذا، ومن الأعمام كذا، وأبوه كان لونه كذا، وعمله كذا، وتوفي في اليوم الفلاني بالمرض الفلاني، ويخبرك الكاهن أنت فتصدق، ولو أنك علمت أن الله يقول: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْسورة الأعراف:27، وعلمت بأن مع كل إنسان شيطان كما قال رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد ومسلم عن ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة  [رواه أحمد (3640)]، كل واحد فينا الآن معه قرين من الجن، وقرين من الملائكة، فهذا الملك يحثه على عمل الخير، وذلك الشيطان يحثه على عمل الشر، هذا الشيطان الملازم للإنسان يعرف أحوال الإنسان، ويرى الإنسان، ولذلك شرعت لنا التسمية، وقراءة المعوذات لنستعيذ من شره، هذا الملازم لك يعرف أحوالك، فيخبر الكاهن الذي أنت تذهب إليه بأحوالك الشخصية حتى لو أغلقت الغرفة عليك، وفعلت أشياء، فيقول الكاهن لك: لقد أغلقت عليك الغرفة في اليوم الفلاني، وفعلت كذا، من الذي أخبر الكاهن؟ هذا الشيطان الملازم لك، وصل الخبر إلى الكاهن عن طريقه، لو عرفنا هذه الأحاديث لم نستغرب مطلقاً تلك الأخبار والتفصيلات الدقيقة التي يُخبر بها بعض المشعوذين.

وكذلك تلك القصة التي حدثت مع بعض الصالحين لما دخل على بعض الأمراء، وعنده عراف يقول للناس: خذوا ما شئتم من الحصى في أيديكم، وأنا أعرف كم؟ فيأخذ الناس الحصى ويخبئونه عن ذلك الرجل فيعدونه، ثم يقول ذلك العراف: في يدك كذا من الحصى، عدد كذا، ويكون كلامه صحيحاً، فلما جاء ذلك الرجل الصالح، قال: أنا أتحداه أن يعرف ما في يدي، فأخذ قبضة من الحصى فلم يعدها، قال: كم بيدي؟ قال: كذا، فعدها فإذا هي بخلاف ما قال العراف، فقالوا له: كيف فعلت؟ قال: أنتم عددتم لما قبضتم الحصى، فعد معكم القرين، فأخبره، وأنا لم أعد، فلم يعد معي القرين، فلم يستطع أن يعرف.

فإذن -أيها الإخوة- لا ننخدع بهذه الألاعيب، وهذه الأشياء التي نسمعها، وفقنا الله وإياكم لأن نعيش ونحيى على التوحيد، وأن نموت على التوحيد، وأن يكون آخر كلامنا من الدنيا شهادة التوحيد، وصلى الله على نبينا محمد، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

00:30:00

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا هو ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد ولد آدم.

من ألاعيب المشعوذين

00:30:14

ومما ينبغي عمله كذلك مع هؤلاء الناس الذين يصدِّقون بهذه الترهات أن نزيل استغراباتهم من بعض الحوادث الحقيقية التي تقع، ونبين لهم ما هو سبب وقوعها، حتى نسد عليهم الطريق أمام الذهاب إلى العرافين والكهان، بعض الناس شكوا، وسمعت هذا منهم شخصياً، يقولون: تختفي الأموال من بيوتنا بطريقة عجيبة، نغلق عليها، ونضعها في أماكن لا يعرفها أحد، ولا يدخل الغرفة أحد -لا خادم، ولا خادمة، ولا إنسان-، لا يمكن أن يصل إلى ذلك المكان أحد، أو جميع من في البيت موثوق بهم، ومع ذلك اختفت الأموال، فقد يأتي هؤلاء الشيطان، فيقول لهم: اذهبوا إلى الساحر، أو الكاهن الفلاني حتى يعلمكم من الذي أخذها، وأين توجد، فيقعون في شيء من الشرك، ولكن إذا راجعنا نصوص أئمة الإسلام لوجدنا الجواب واضحاً، قال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوي عن بعض الأشياء التي يقوم بها بعض شياطين الجن، يقول: وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين، ومن لم يذكر اسم الله عليه، وتأتي به، فإذن هؤلاء الشياطين الذين ينفذون من الجدران، ويدخلون البيوت التي لم يقل صاحبها عندما أقفل بابها: بسم الله، ولم يقل صاحب المال لما أودعه في مكانه: بسم الله، يستطيعون أن يذهبوا إلى المال فيخرجوه، ويسرقوه من جوف البيت، ولم يرهم أحد، يمكن أن يفعلوا هذا، ويأتون به ذلك الكاهن، وينصح هؤلاء المساكين أن يأتوا الكاهن، فيأتوا الكاهن فيقولن: لقد سرقنا، أين المال؟ ابحث لنا، فيقول: أنا آتيكم به، ثم يغيب، ويخرج المال، وهو عين المال والمجوهرات والمصوغات التي سرقت، فيتعلق الناس بهذا الكاهن، ومن الذي جلبها إليه؟ إنه الشيطان الذي سرقها من داخل البيت الذي لم يذكر فيه اسم الله، فإذن، ويقول شيخ الإسلام: وأعرف في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة، ومن وقعت له ممن أعرفه ما يطول حكايته، فإنهم كثير جداً، كان شيخ الإسلام رحمه الله مركز معلومات، يأتيه الناس القاصي والداني يشكون إليه، وهو يعلمهم التوحيد، ويكشف لهم الخدع والألاعيب، هكذا يجب أن يكون موقفنا مع الناس، فنقول له: قبل أن تضع نقودك سم الله، واحرص على أن يكون حلالاً، فلا تصل إليه الشياطين بإذن الله، هذا بعد أن يكون قد دقق أنه لا أحد من أهل البيت قد سرقه؛ لأنها قد تكون حادثة سرقة عادية جداً.

كذلك من كشف ألاعيب هؤلاء وحيلهم أن الشياطين تستطيع أن تتشكل، وتقلد أصوات بني آدم بدقة، فيقوم بعض جهلة العباد ينادون أولياء الله الميتين أو الأحياء، وهم في مكان بعيد جداً، يقول: يا سيدي فلان، اشف كذا، اشف مريضي، فيقلد الشيطان صوت ذلك الميت؛ لأنه كان قد ضبطه، أو الحي البعيد، فيقول: نعم قد أجبتك، فيظن هذا المسكين أنه قد دعا ذلك السيد، أو الولي فأجابه، وهذا أيضاً من الأشياء التي ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله، وقد يخبرك يوماً من الدهر إنسان أنها قد حدثت له، أو قال لك: أسمع أصواتاً لا أدري ما مصدرها، أسمع شخصاً يناديني باسمي، وألتفت لا أرى أحداً، حدثت قصص واقعية للسلف، بسبب إيذاء الشياطين الذين يريدون أن يخيفوا بني آدم، فينادونهم في الليل بأصواتهم، وأسمائهم.

كذلك من كشف ألاعيب هؤلاء وحيلهم أن الشياطين تستطيع أن تتشكل، وتقلد أصوات بني آدم بدقة، فيقوم بعض جهلة العباد ينادون أولياء الله الميتين أو الأحياء، وهم في مكان بعيد جداً، يقول: يا سيدي فلان، اشف كذا، اشف مريضي، فيقلد الشيطان صوت ذلك الميت؛ لأنه كان قد ضبطه، أو الحي البعيد، فيقول: نعم قد أجبتك، فيظن هذا المسكين أنه قد دعا ذلك السيد، أو الولي فأجابه، وهذا أيضاً من الأشياء التي ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله، وقد يخبرك يوماً من الدهر إنسان أنها قد حدثت له، أو قال لك: أسمع أصواتاً لا أدري ما مصدرها، أسمع شخصاً يناديني باسمي، وألتفت لا أرى أحداً، حدثت قصص واقعية للسلف، بسبب إيذاء الشياطين الذين يريدون أن يخيفوا بني آدم، فينادونهم في الليل بأصواتهم، وأسمائهم.

أحكام التعامل مع المشعوذين

00:34:38

كذلك -أيها الإخوة- نبين للناس ما حكم الأموال التي تدفع إلى هؤلاء الكهان والمشعوذين، ونقول لهم: إن الأجرة التي تُدفع لهؤلاء الناس حرام، وقال رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح، أو جاء في الحديث الصحيح أنه نهى عن حلوان الكاهن، ومهر البغي -حلوان الكاهن هو الحلاوة المالية النقدية الأجرة التي تدفع للكاهن لقاء قيامه بالعمل من كشف الغيب، وإزالة الضرر ونحوه-.

وفي الصحيح أنه قال: حلوان الكاهن خبيث[رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (738)]، فإذن هذه الأجرة حرام أن تدفعها.

قال شيخ الإسلام: الأجرة المأخوذة على ذلك، والهبة، والكرامة التي تعطى للساحر والمشعوذ والكاهن حرام على الدافع والآخذ.

لو قال إنسان: أنا عندي عقارات، وقد اكتشفت أن إحدى الشقق المؤجرة يسكن فيها أحد الكهان، وأن الناس يأتونه، ليقرأ لهم الغيب والطالع والفأل، ويعالج أمراضهم بالشعوذة، ماذا أفعل؟

أقول لك: اسمع هذه الفتوى من شيخ الإسلام: يحرم على الملاك -ملاك العقارات- والوكلاء -كأصحاب المكاتب العقارية مثلاً- إكراء الحوانيت أو غيرها من هؤلاء الكفار والفساق إذا غلب على ظنهم أنهم يفعلون فيها هذا الجبت الملعون.

قال شيخ الإسلام: ويجب على ولي الأمر، وكل قادر السعي في إزالة ذلك، ومنعهم من الجلوس في الحوانيت أو الطرقات، أو الدخول على الناس في منازلهم لذلك، وإن لم يفعل ذلك -إذا ما فعلت وغيرت هذا المنكر- فيكفيك قول الله كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُسورة المائدة:79، وقوله لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَسورة المائدة:63-يجب أن نتناهى عن المنكر، وأن نبين للناس هذا الدجل-، ثم قال شيخ الإسلام: والقيام في ذلك من أفضل الجهاد في سبيل الله.

أيها المسافر بلغ دين الله

00:36:52

وختاماً -أيها الإخوة-: أذكر كل مسافر إلى أي بلد من بلاد المسلمين أو حتى بلاد الكفار في الإجازة القادمة؛ لأن كثيراً من إخواننا المقيمين في هذه البلاد يذهبون إلى بلادهم في الإجازة، أو أناس يذهبون إلى الخارج للعلاج، وما شابه ذلك، أذكرهم بأن عليهم واجباً أساسياً من الواجبات وهو الدعوة إلى الله، ونشر التوحيد، ومحاربة الشعوذة بين أقربائهم، ومعارفهم، وأصدقائهم في بلدانهم التي يذهبون إليها، ويتزودون لذلك بكتب التوحيد النافعة، ينشرونها بين الناس، ويبينون لهم.

وحتى -أيها الإخوة- في بلاد الكفار، مع الأسف لما نام أهل السنة في سبات عميق ماذا حصل؟ انتشرت بين الكفار الدعوات الصوفية والشعوذات باسم الإسلام، ترى رجل أمريكي دخل في الإسلام، فعندما تدقق في أحواله تجد أنه على دين الصوفية الملاحدة المخرفين، سواءً ارتفع كفرهم، أو نزلت بدعتهم، فإن كان يؤمن بوحدة الوجود -وهو أن كل ما ترى بعينك فهو الله- فيكون قد انتقل من النصرانية إلى الردة والإلحاد، وإن كان على بدعة مثل حلق الأذكار، أو حلق الذكر المبتدعة بالطبول -وهذا موجود في أمريكا وغيرها من أناس يزعمون أنهم دخلوا في الإسلام، ما وجدوا أمامهم إلا أولئك المنحرفين ليعرضوا عليهم الصورة المحرفة للإسلام المشوهة، من تلك الطرق المبتدعة-، فيكون أحسن أحوالهم أنهم انتقلوا من دين النصرانية إلى البدع، فنحن قد نقابل هؤلاء في سفرنا مثلاً، الذي ينبغي أن يكون سفر طاعة أولاً وأخيراً، فنبين لهم، وندعوهم إلى الله، ونبين التوحيد، ونتلو عليهم النصوص من القرآن والسنة، ونحارب تلك الشعوذات في البلاد التي نذهب إليها.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم بين لنا دينك وفقهنا فيه، اللهم واجعلنا على ملة التوحيد عليها نحيا وعليها نموت، وعليها نبعث إن شاء الله.

اللهم وهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأصلح لنا بيوتنا وذرياتنا، ونساءنا وأزواجنا، اللهم واجعلنا من التائبين لك، الأوابين إليك، المنيبين إليك، واجعل لنا بلاغاً إلى خير، اللهم وفقنا لما يرضيك، وكن معنا يا رب العالمين.

اللهم وفق أبناءنا في اختباراتهم، وكن معهم، واجعل عملهم في رضاك، اللهم واجعل خروجنا من الدنيا على شهادة التوحيد، وصل يا رب وسلم على نبينا محمد ﷺ.

صلوا عليه في هذا اليوم العظيم الذي تضاعف فيه أجر الصلاة على رسولكم .

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه مسلم (2709)
2 - رواه البخاري (3371)
3 - رواه أحمد (15035)
4 - رواه مسلم (2186)
5 - رواه البخاري (3055)
6 - رواه مسلم (2926)
7 - رواه الترمذي (3223)
8 - رواه أحمد (3640)
9 - رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (738)