الجمعة 11 شوّال 1445 هـ :: 19 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

وقع أجره على الله


عناصر المادة
الخطبة الأولى
النية مطية لبلاد الأفراح ولو لم يقع العمل
النية الطيبة تنفع، ولو لم يقع العمل على وجهه
الخطبة الثانية
النية الطيبة تكمل أجر العمل الذي لم يكمل
النية الطيبة تترك أثراً قبل الرحيل
النية في الشر
على المسلم محاسبة نواياه

الخطبة الأولى

00:00:04

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:

فإن ربكم كريم يحسن إلى عباده، وهو يتفضل عليهم، وهو ذو الفضل العظيم، فيضاعف أجورهم ويربي لهم أعمالهم الصالحة حتى تعظم في المقدار فتكون كالجبل، ويضاعف الأجور الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء.

ومما يفوت علينا أجوراً كثيرة أمورٌ ومنها:

النية مطية لبلاد الأفراح ولو لم يقع العمل

00:01:11

الجهل ببعض ما ورد في الشرع في تعظيم الأجور وثبوت الأجر، ولو علم العبد كرم الله، وكيف يضاعف الأجر، وكيف يثبت الأجر لصاحبه لما توانى في العمل، والنية مطية لبلاد الأفراح ووسيلة لمضاعفة الأجر، يعظم الأجر بالنوايا الحسنة

الجهل ببعض ما ورد في الشرع في تعظيم الأجور وثبوت الأجر، ولو علم العبد كرم الله، وكيف يضاعف الأجر، وكيف يثبت الأجر لصاحبه لما توانى في العمل، والنية مطية لبلاد الأفراح ووسيلة لمضاعفة الأجر، يعظم الأجر بالنوايا الحسنة، ولذلك قال العلماء: تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل، وكان السلف يحرصون على النية الطيبة في كل شيء حتى في المأكل والمشرب والمنام وإتيان الأهل، وإن العبد إذا كانت له نية حسنة
في أمرٍ كتب له، ولو كان من المباحات والعادات، وإرادة الخير مما يكتب للعبد ولو لم يفعله، قال تعالى: وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِسورة النساء: 100 لم يصلْ في الهجرة لكن نيته الطيبة ماذا فعلت؟ قال تعالى: ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًاسورة النساء: 100، وقد جاء في الحديث الصحيح أن خالد بن حزام  هاجر إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق، فمات قبل أن يصل، فنزلت فيه قوله تعالى: وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ[معرفة الصحابة لأبي نعيم: (7/146) وصححه الألباني.]قال المفسرون: فقد وجب أجره على الله وثوابه؛ لأن الله وعد ولا يخلف الميعاد، لم يكن سفر سياحة يعبث فيه بحرام أو يضيع مالاً، وإنما كان سفر هجرة إلى الله مع أنه لم يصل، ولم تكتمل الهجرة، ولكن الأجر قد وقع، وهكذا إذا كان الإنسان في عمل صالح ونية طيبة حصل الثواب، ولو لم يتحقق المقصود في نفسه، فالعازم على الخير فاعل، والقاصد للوصول واصل، وليس على العبد إلا الاجتهاد، وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْسورة الأنفال: 75.

عباد الله: لما جاء الصحابة إلى النبي ﷺ وبعض الفقراء يريدون أن يخرجوا معه في سبيل الله، لكن لا يملكون دوابًّا يخرجون عليها، قال تعالى لما انصرفوا باكين: وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَسورة التوبة: 92، ولذلك قال النبي ﷺ: لقد خلفتم بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، إلا شركوكم في الأجر، قال: وهم بالمدينة قال: حبسهم العذر[رواه مسلم: (3/1518) باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر: برقم: (1911)].

إذاً نتعلم فضل النية في الخير، نيتك في الخير يكتب لك أجر ثوابها ولو لم تحصل في الواقع، ولذلك يبلغ العبد بنيته أجر العامل إذا منعه العذر، وعلم الله صدقه، ولذلك لما نزلت الآية العظيمة: لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَسورة النساء: 95 ابن أم مكتوم أعمى حزن، فقال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، فنزلت غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِسورة النساء: 95 فأخر نزول هذه الجملة غير أولي الضرر ليبين الله تعالى أن المعذورين ثوابهم مكتوب وحاصل.

والرجل الذي قتل مائة نفس اقتنع بالتوبة على يد العالم، ونصحه العالم أن يخرج إلى أرض أخرى فيها أخيار يعبدون الله، ويترك قرية السوء التي كانت تشجعه بيئتها الفاسدة على الاستمرار في الجريمة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، هذه وصية العالم، الرجل هذا مع أنه قاتل انطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصم فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط. إنه جديد في طريق التوبة، لكنه لم يصلْ إلى المكان الذي سيقوم فيه بالعبادات مع الأخيار، ما هي النتيجة؟ الله جعله من نصيب ملائكة الرحمة، لماذا؟ لأنه جاء مقبلا بقلبه تائبا إلى الله تعالى [صحيح مسلم: (4/2118) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله: برقم: (2766)]، هذه النية الطيبة تبلغ الإنسان الأجر، ولو لم يفعله، ما دام عازماً قاصداً، حبسه العذر ليس بمتوانٍ ولا كسلان، وتأمل حديث النبي ﷺ: من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح -طلع الفجر وما قام الليل ما صلى ركعة-قال: كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه  [سنن النسائي الكبرى: (1/456) من نوى أن يصلي من الليل فغلبته عينه: برقم: (1459) وصححه الألباني.]..

إذاً لما نام عازماً على قيام الليل صادقاً في رغبته متمنياً للفعل مريداً له متحمساً لأجله يريد الثواب كتبها الله له مع أنها فاتته، وهكذا حصل لأناس ممن ابتغوا العمرة والحج، وبعضهم نزل من المطار من لهفته وشوقه سجد شاكراً فما قام، كتب الله نهايته في تلك السجدة سجدة الشكر لما وصل إلى أرض الحجاز.

عباد الله: مثل هؤلاء يرجى لهم الأجر؛ لأنهم حرصوا عليه وتأمل قول النبي ﷺ لما أوحي إليه بفضل تاسوعا وعاشورا. قال: لئن بقيت إلى قابل -إلى العام القادم- لأصومن التاسع [صحيح مسلم: (2/798) برقم: (1134)].

مات النبي ﷺ في ذلك العام ولم يدرك تاسوعا وعاشورا، ولكن صارت نيته وإرادته وبغيته في العمل سُنَّةً للمسلمين، لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع، ما بقي إلى قابل، بل مات قبل أن يكون العام القادم، ولكن إرادته للفعل وحرصه عليه وإخباره بنيته له صار سنة للأمة من بعده.

وتأمل حديث: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً[صحيح البخاري: (3/1092) باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة: برقم: (2834)]. لماذا؟ هذا على فراش المرض لا يعمل، وهذا في السفر، لا يعمل، لكن لما كان مريداً حريصاً كان بمثابة الفاعل، وكذلك كل من نوى عمل صالحاً وعجز، نوى تفطير صيام وعجز، مر بمسجد قال: يا ليت لي مثل مال هذا الغني لأبني مثل هذا المسجد، فهو بأجره، أجرهما سواء، هذا عظم مقدار النية عند رب العالمين، ومن مات وهو محرم، من مات وهو عازم على الحج، من مات وقد منعه مانع فله أجر نيته.

عباد الله: عندما تنقل الشاشات مناظر الحجاج يتمنى بعض الناس في بيوتهم بصدق أن يكونوا معهم  لكن حبسهم العذر، فهذا حج العام الماضي وهو يعلم أنه لا يصرح له بالحج في العام القادم، لكن عندما ينظر إلى صور الحجاج في الشاشات يتحرك شوقاً، ويتمنى أن يكون معهم.

يا راحلين إلى منى بقيادي هيجتمو يوم الرحيل فؤادي

رأى بعض الصالحين الحجيج وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول: واضعفاه ثم أنشد:

فقلت: دعوني واتباعي ركابكم أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد

حسرة عند المنقطعين إلى البيت.

يا سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وعن قدرٍ ومن أقام على عذرٍ فقد راحا

النية الطيبة تنفع، ولو لم يقع العمل على وجهه

00:10:29

النية الطيبة تنفع، لو عمل الإنسان العمل الصالح لكن لم يقع في موقعه، أراده ونواه وفعله ولكن ما جاءت في موقعها المناسب، كرجل ظن سائلاً فقيراً فأعطاه، فتبين أنه محتال نصاب، وأنه يأخذ أموال الناس، وأنه غني، هل يؤجر المعطي أم لا؟ رأى شحاتاً في الطريق فأعطاه، يظنه فقيراً محتاجاً، ثم تبين له بخبرٍ من ثقة يعرف هذا الإنسان أن هذا كذاب يستكثر من أموال الناس، فهل المعطي له أجر متصدق مع أن هذا ليس فقيراً؟.

قال النبي ﷺ: قال رجلٌ -من بني إسرائيل من الصالحين من قبلنا-: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقة في الليل يريد إخفاء الصدقة، فوضعها في يد سارق ولا يعرف أنه سارق، ظنه فقيراً فوضعها في يده فأصبحوا يتحدثون، جاء هذا السارق وتكلم قال: تصوروا أيها الناس الليلة جاءني إنسان وتصدق عليَّ وأنا من أنا، فأصبح يتحدثون: تُصدِّق على سارق، فبلغه الخبر، فقال: اللهم لك الحمد، جاء على سارق بغير قصدي، لكن نيتي الصدقة على الفقراء، فما أحبطه ذلك بل قال: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته في الليل فوضعها في يدي زانية، وما كان يدري أنها زانية، ظنها فقيرة مسكينة أرملة، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق الليلة على زانية وفشا الخبر في البلد، فبلغه فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، ثم خرج بصدقته، لم يقعده ما حصل في الليلتين السابقتين، لا زال مصراً على أن تكون الصدقة في يد محتاج، ثم خرج بصدقته فوضعها بيد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق على غني، ويتعجبون، فقال لما بلغه الخبر: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي في المنام، فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله، ويخجل من نفسه ويرى أن إنساناً تصدق عليه وهو غني فيتعظ وينفق مما أعطاه الله، والحديث متفق عليه [صحيح البخاري: (2/516) باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم: برقم: (1355) وصحيح مسلم: (2/709) باب ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها: برقم: (1022)] فانظروا عباد الله، ماذا حصل لما كانت النية طيبة، جعل الله له أجوراً وفوائد لعمله لم يكن يتخيلها ولم تخطر بباله أصلاً.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، أحسن عملنا، وأصلح نياتنا وذرياتنا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:13:54

الحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له، رب الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وذريته الطيبين، وخلفائه الميامين، وأزواجه الطاهرين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وذريته إلى يوم الدين، اللهم وارض عن التابعين لهم بإحسان، واجعلنا منهم يا أرحم الراحمين.

النية الطيبة تكمل أجر العمل الذي لم يكمل

00:14:32

عباد الله: النية الطيبة تتم الأجر ولو لم يتمه صاحبه، فقد يكون قد قطع ربع الطريق أو نصفه لكن نيته الحسنة تكمل له الأجر.

ألَّف علماء كتباً لكن لم يتموها، ألَّف النووي رحمه الله كتاب المجموع في شرح المذهب ولم يتمه، وألَّف الإمام الشنقيطي رحمه الله أضواء البيان ولم يتمه، وألَّف بعض المفسرين تفسيراً، فلما وصل إلى قوله تعالى في التفسير تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَسورة يوسف: 101مات.

رجل آتاه الله مالاً وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حق. ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، كيف يكون أجرهما؟.

النية الطيبة تترك أثراً قبل الرحيل

00:15:28

أيها المسلمون: إن النية الطيبة تجعل لك مطية حسنة لتترك أثراً قبل الرحيل، في محاضرة أراد شخص أن يحضرها وكان معه إعلانات للدرس في جيبه، فصار له حادث سيارة وتوفي، وأثناء نقله في سيارة الإسعاف سقط من جيبه بطاقة الدعوة للدرس، فأخذها زملاؤه وهم يبكون، وحضروا الدرس، ولم تكن لهم نية لحضوره أصلاً.

إن الله كتب الحسنات والسيئات فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرةمتفق عليه[صحيح البخاري: (5/2380) باب من هم بحسنة أو بسيئة: (6126)، وصحيح مسلم: (1/118) برقم: (131).]، وهنالك من الناس من ينوي عملاً طيباً، فيبدأ فيه فيرزقه الله من يتم العمل، ولو حيل بينه وبينه، ذكروا أن في تركيا مسجداً يسمى (صانكي يدم) ومعناها بلغتهم: كأني أكلت، قالوا: إن شخصاً صالحاً كان إذا مر بمطعم وفيه مأكولات معروضة وتشتهيها نفسه يقول: كأني أكلت، ويضع ثمن هذا الطعام في صندوق، وهكذا يفعل ذاهباً وراجعاً سنوات، ويعدها لبناء مسجد وأهله يعرفون بذلك فلما مات قبل أن يبلغ المال المطلوب، وبناء المسجد يكلف أكثر، عرف الناس بقصده فتأثروا، فأكملوا المبلغ وبني المسجد وسمي مسجد كأني أكلت.

النية في الشر

00:17:19

أيها المسلمون: كما أن النية في الخير تبلغ مبلغاً، فكذلك النية في الشر، وقد بين النبي ﷺ أن المسلمين إذا التقيا بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار لماذا؟ ما بال المقتول؟ القاتل عرفناه؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه.

[صحيح البخاري: (1/20) برقم: (31).]

قال ﷺ: يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعثٌ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، قالت أم سلمة: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهاً؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته، وفي رواية: فيهم المستبصريعني المتبين له حكم هذا الفعل المحرم، ولكنه جاء متعمداً، والمجبورأي: المكره، وابن السبيل، يعني مشى معهم مسافراً في الطريق، ليس يقصد أن يذهب لهذا المنكر العظيم معهم، لكن رافقهم في الطريق، قال: يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم. رواه مسلم.[صحيح مسلم: (4/2208) باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت: برقم: (2882)، و(4/2210) برقم: (2884).]

أبرهة الأشرم الكافر الذي سار بالفيل والجيش والعرمرم ما هدمها، ولا مكن من ذلك في وادي محسر بين مزدلفة ومنى، برك الفيل، ثم صوب الله عليهم حجارة من سجين، فمات، لكن النية للشر كتبت، فإذا عزم الإنسان على الحرام عزماً مؤكداً، كتب عليه، وهكذا كثيرٌ ممن كان يقصد فعل الحرام وعازماً عليه ومصرًّا، أما الذي خطر الحرام بباله خاطراً لا يأثم بذلك، فالله لا يعذب على الخواطر، ولا يكتب السيئات على الخواطر.

وَهَمَّ بِهَاسورة يوسف: 24أما هي، فلا، همها: غلقت الأبواب، وقالت: هيت لك، وتزينت، وتعطرت، ثم أصحبت تجري خلفه، ولو ما وقعت في الزنا، لكن الإثم مكتوب؛ لحرصها وعزمها وإصرارها على ذلك.

على المسلم محاسبة نواياه

00:19:31

عباد الله: إن المسلم يحرص على نواياه، ويحاسب نفسه، ويتفقه في دينه، لئلا يفوته الأجر الجزيل، ثم بعد ذلك لا بد من العمل، فإن التكاسل والتواني عن الطاعة يحرم العبد من فعلها وأجرها، والله عليم بذات الصدور، وعليمٌ بالخفايا وما بالنفوس، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِسورة سبأ: 3ولو أن إنساناً أراد بالبيت الحرام شراً وهو بقعر عدن، لأهلكه الله في مكانه ولجعل عليه الإثم هنالك.

عباد الله: لا بد أن نحرص في هذا الإجازة على تربية أبنائنا وبناتنا وأهلنا، وأن يكون لنا معهم مقاعد صدق نقعد فيها معهم في تفسير كلام الله، وشرح حديث رسول الله ﷺ.

أيها المسلمون: إن أمننا عزيز، ولا بد أن يحرص المسلمون على إيمانهم وأمنهم وأن يحافظوا عليه.

اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا يا رب العالمين، آمنا في أوطنانا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء والوباء يا سميع الدعاء، اللهم من أراد بلادنا بشر فامكر به، اللهم من أراد أمننا بسوء فابطش به، ورد كيده في نحره يا رب العالمين، اللهم ومن أراد العبث بمنشآت المسلمين النفطية ومصادر رزقهم فاجعل كيده في نحره، اللهم اقطع دابره واجعله عبرة للمعتبرين، اللهم من أراد إهدار ثروات المسلمين فامكر به وعجل بأخذه يا رب العالمين، إنك على كل شيئ قدير، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين وسائر المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا أجمعين، وتب علينا يا تواب، وارزقنا يا رزاق، اللهم إنا نسألك أن ترحمنا يا رحمان، اللهم إنا نسألك أن تعجل فرجنا وفرج المسلمين، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور وعمل مبرور وسعي متقبل مشكور يا عزيز يا غفور يا شكور، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا وتب علينا، اللهم إنا نسألك أن ترضى عنا في مقامنا هذا وأن تجعلنا من عتقائك من النار، اللهم أدخلنا الجنة، اللهم أورثنا الفردوس الأعلى وأعلِ درجاتنا في جناتك يا رب العالمين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - معرفة الصحابة لأبي نعيم: (7/146) وصححه الألباني.
2 - رواه مسلم: (3/1518) باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر: برقم: (1911)
3 - صحيح مسلم: (4/2118) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله: برقم: (2766)
4 - سنن النسائي الكبرى: (1/456) من نوى أن يصلي من الليل فغلبته عينه: برقم: (1459) وصححه الألباني.
5 - صحيح مسلم: (2/798) برقم: (1134)
6 - صحيح البخاري: (3/1092) باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة: برقم: (2834)
7 - صحيح البخاري: (2/516) باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم: برقم: (1355) وصحيح مسلم: (2/709) باب ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها: برقم: (1022) 
8 - صحيح البخاري: (5/2380) باب من هم بحسنة أو بسيئة: (6126)، وصحيح مسلم: (1/118) برقم: (131).
9 - صحيح البخاري: (1/20) برقم: (31).
10 - صحيح مسلم: (4/2208) باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت: برقم: (2882)، و(4/2210) برقم: (2884).