الجمعة 11 شوّال 1445 هـ :: 19 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

07- الأربعون القلبية 7، شرح حديث (وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ)


عناصر المادة
نص الحديث
شرح الحديث

نص الحديث

00:00:00

 الحديث السابع:
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهﷺ: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم [رواه مسلم: 6708].

شرح الحديث

00:00:14

ضرورة الاهتمام بالقلب:
-في هذ الحديث أيضا- ضرورة الاهتمام بالقلب، أول ما ينظر الله إليه من العبد أن ينظر إلى قلبه، ماذا في قلب العبد إخلاص وإلا رياء، توحيد أو شرك، توكل أو ضده، صبر حياء خوف رجاء محبة، ماذا يوجد في قلب العبد نحو الله.
أول ما يعبد الإنسان من نفسه قلبه، يعبد به ربه، فيعرف به ربه وأسماءه وصفاته ، يعبده خوفًا ورجاءً ومحبة وإخلاصًا توكلاً، يعبده.
الأعمال الظاهرة يقول النووي لا يحصل بها التقوى، مجرد الأعمال الظاهرة، لا يحصل بها التقوى.
قال: وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله -تعالى-، وخشيته ومراقبته.
وفي الحديث: أنه لا ينبغي أن ينصب الاهتمام على الأبدان والأموال.
الآن الدنيا ماشية عكس الشرع في الغالب، اهتمام الناس منصب على الأبدان والأموال، عضلات مفتولة، وقوام ونادي صحي، وحمية، وأطباء، على الجسد، وكيف تنعم الجسد واللباس والحلي والزينة، على الجسد، والأموال خذ الاهتمام بالأموال، الوظائف التجارات، الكسب، الفرص، الأرباح، كل الدنيا، الآن واضح يعني التوجه المادي الغربي الدنيوي البحت، كل شيء تمتيع الجسد، وكيف تحصيل المال، همتهم مصروفة إلى هذا، وعلى هذا، في الأفلام والبرامج والدعايات والكتب، والقصص والروايات، والطرح الإعلامي، وكله منصب على هذا، كله ترويج، أشياء تتعلق، يا أشياء جسدية أو مالية، لكن إصلاح القلوب!

إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكميعني طويل عريض، عضلات مفتولة، أبيض أسود، لا ينظر إلى صوركمنعم للجسد حق من جهة أنك تراعي فيه نعمة الله، لتشكر به ربك، يعني ستراعي الجسد لكي تصلي وتحج وتجاهد، وتعمل الصالحات، لكي يمكنك جسدك من العمل، لا أن تجعل الجسد هو الهدف، وخلاص هذا هو الأساس، وعليه المعول ومن أجله تبذل الأموال والأوقات، والتركيز والاهتمام، وكذلك المال.
هذا الحديث: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم هذا عليه قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات: 13].
الله لا يعطي أجرًا لفلان؛ لأنه جميل، بمجرد أنه جميل، أو يضع لفلان وزر؛ لأنه قبيح، ويدخل فلان الجنة؛ لأنه جميل، ويدخل القبيح النار، ما لها علاقة أبدًا، قد يكون واحد من أقبح الناس خلقة ما عنده جمال، وهو من كبار أهل الجنة، وواحد من أعظم الناس جمالاً وهو من أحط أهل النار.

وكذلك في الغنى، ممكن أفقر الفقراء، وأغنى الأغنياء، هذا في الجنة وهذا في السعير.
أول ما قال: ولكن ينظر إلى قلوبكمالنية، حسن القصد، إذًا الصور الظاهرة، الأشكال الخارجية ليست محط نظر الرب، محط نظر الرب من العبد القلب، وماذا يعمل من الصالحات "وحينئذ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراب من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك" يعني من الدنيا "قلبه مملوءً من التقوى، فيكون أكرم عند الله -تعالى-، بل ذلك هو الأكثر وقوعًا"[ابن رجب، جامع العلوم والحكم، ص: 334].
لا تعظم أحدًا من أجل دنياه، ولا تحقره لأجل فقره، أو قبح شكله، لا تغتر بجمال الجميل، ومال الغني، ترى المدار على صلاح القلب والأعمال، لما مر رجل على النبي ﷺ فقال: ما تقولون في هذا؟رجل ذو شارة حسنة، وشكل تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ [المنافقون: 4] قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، يستمع لقوله، قال ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، شف انتهاز الفرصة في التعليم، تعليم المبادئ، يمر واحد ويسألهم، ويمر الثاني ويسألهم، قال: ما تقولون في هذا؟قالوا: حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يستمع، فقال رسول الله ﷺ: هذايعني الفقير الآخر مرورًا هذا خير من ملء الأرض مثل هذا [رواه البخاري: 5091] الأول المولي.
ولكن ينظر إلى قلوبكم إذًا إصلاح القلب؛ لأنه محل نظر الرب، فلا عبرة بحسن الظاهر، ولا بجمال الصورة، ولا بكثرة المال، ولا بزخرف اللسان، العبرة بالجنان.
وفيه: أن الاعتبار بما في التقوى من القلب، ولذلك لما قال: التقوى هاهناويشير إلى صدره ثلاث مرات [رواه مسلم:6706].

الله ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم؛ لأن الأعمال الآن ستظهر ما في القلب، إذا كان القلب صالحًا الأعمال صالحة، وإذا كان القلب خرابًا فالأعمال يبابًا، قال: وأعمالكم فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف: 110]، الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ [الرعد: 29]، ولذلك الذي إذا قلت له: قم صل؟ لماذا لا تفعل كذا من الواجبات؟
قال: المهم هذا، تعرف أنه كذاب على طول، أصلا لو كان هذا شف سبحان الله، يقول لك: المهم هذا، نقول: صدقت -والله العظيم- أن المهم هو هذا، بس أنت عندك إيش فيه هذا؟ لو كان ما في هذا صالحًا كان أجبت النداء، وقمت صليت.
بعض الناس يقول: أهم شيء القلب يكون أبيض، كلام، لكن تجاري ما له قيمة.
-طيب- وبعدين: أين بياض قلبك؟ أين انعكاسه على الواقع؟ أثره على الواقع أين هو؟
فيحتجون عليك يقول: أهم شيء هنا، أهم شيء القلب يكون نظيف، تقول: يا أخي العلاقات المحرمة هذه حرام عليك، تقيم أنت شاب علاقات مع فتيات؟ يقول: أهم شيء القلب نظيف، بالله كل هذه العلاقات الموسخة، المتسخة، الوسخة كلها، وبعدين أهم شيء القلب يكون نظيفا، يعني أن هذا نظيف؟ هذه نظافة؟!
وهذا من تلبيس إبليس، فلو ابيض القلب لابيض العمل.
أما تقول: القلب أبيض، والعمل أسود، ما صارت.
يكون صاحب هذا مغرور من أمرين:
الأول: في زعمه أن بياض القلي يكفي عن العمل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فلو يجيء واحد يقول لك: أهم شيء القلب، تقول له: انظر الحديث يقول ماذا؟ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكموأين الأعمال؟
فلم يكتف بما في القلب، حتى عطف عليه العمل، وأصلاً لو كان الذي في القلب صحيحًا  كان خرج العمل الصالح.

ثانيًا: أن من يقول هذا الكلام يزكي نفسه، كأنه يقول: أنا قلبي أبيض! أنا قلبي نظيف! وهو يعمل السيئات! ترك الصلاة يبيض القلب؟! العلاقات المحرمة مع النساء تبيض القلب؟! تنظف القلب؟! إلا بل هو قلب منكوس أسود؛ كما قال الله: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين: 14]، رَانَ عَلَىى قُلُوبِهِميعني: معاصي هذه ترين على القلب، وتتوالى هذه السيئات بأثرها عليه: كَلَّا بَلْ رَانَغطى، وغلف، وبعد ذلك يصير أسود مرباداً، كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً[رواه مسلم: 386].