السبت 12 شوّال 1445 هـ :: 20 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

كيف نتغلب على النزاعات المالية؟


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حكمة الله تعالى تتجلى في تشريعاته
وسائل شرعية لقطع النزاعات المالية
الخطبة الثانية
حفظ النزاعات المالية بالضمان والكفالة والصلح

الخطبة الأولى

00:00:07
إن الحمد لله، نحمده، تعالى ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي، هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله:

حكمة الله تعالى تتجلى في تشريعاته

00:00:43
الله حكيم، وكذلك هو عليم، وقد اصطبغت هذه الشريعة التي أنزلها بحكمته وعلمه، فهي حكمة كلها، ورحمة كلها، وعدل كلها، فصفات الشريعة من صفات الذي شرعها، ومن حكمته تعالى ورحمته أن شريعته حرمت النزاع والشقاق، لا تدابروا ولا تهاجروا ، فنهت عن القطعية، وعن الظلم والعدوان، ومن حكمة الشريعة أنها سدت الطرق المفضية إلى النزاع، فكل سبيل يؤدي إلى نزاع بين المسلمين أغلقته الشريعة، وليس في الشريعة، ما يؤدي إلى خلافات بين الناس، بخلاف القوانين الأرضية، التي تراعي مصالح طائفة على حسب طائفة، وتكون في جانب طائفة على حساب طائفة، وشرعنا ليس كذلك والحمد لله.

وربنا سبحانه يعلم أنه سيكون بين عباده معاملات، بيع، وشراء، وإجارة، وهكذا يعلم أن العباد سيكون بينهم انتقال أموال، بهبة، أو إرث، ونحو ذلك، ويعلم الذي خلق النفوس أنها مجبولة على الشح، كل واحد يريد أن يشد البساط إلى طرفه، ويريد أن يكون المال عنده، وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ [سورة النساء:128]، يوم القيامة، فهذا الشح سيكون حاضرًا للحساب، ومن حكمته تعالى أنه شرع إجراءات تمنع النزاعات المالية قبل أن تقع، وتفضها إذا وقعت، فما هي الإجراءات التي جاءت في الشرع بشأن ذلك؟ النفوس فيها بغي، خلق الإنسان ظلومًا جهولاً، فيه رغبة عدوان، وفيه شح، وفيه أثرة واستئثار، وقد عرضت الخليقة على آدم  فرأى منهم رجلاً أعجبه ضوؤه، ونور وجهه، فسأل عنه، فقيل له: هذا ابنك داود فطلب من ربه، أي: آدم أن يهب داود من عمره أربعين سنة، أن يأخذ من عمر آدم أربعون سنة وتضاف إلى عمر داود، فلما حضر ملك الموت لآدم قال آدم: بقي من عمري أربعون، فقيل له: وهبتها لابنك داود، فنسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم وخطئت ذريته، ومن يومئذ أمر بالكتاب والشهود، هذا ملخص الحديث الذي  رواه الترمذي رحمه الله.

من يومئذ أمر بالكتاب والشهود،  أول إجراء من الإجراءات الشرعية لفض النزاعات المالية الكتابة قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ [سورة البقرة:282]، حتى الكتابة لها أصول، فالذي يملي في المجلس الذي عليه الحق؛ لأنه اعتراف منه، وتثبيت للشيء عليه، وربنا تعالى نهى عن الملل من الكتابة والسآمة: وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِه؛ حتى لا تضيع الحقوق، حتى لا تحدث النزاعات، الكتابة كذلك تكتب العقود، وأمر بالوفاء بها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [سورة المائدة:1]، وتكتب الشروط التي في العقود بعد تحديدها، تصاغ، وتكتب كذلك، والكتابة عند المحاميين فيها نوع  من الإشهاد؛ لأنها تكتب عنده فيشهد عليها، وهذا هو الطريق الثاني لقطع النزاعات، الإشهاد، قال الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ [سورة البقرة:282] وأمر سبحانه أن يكون الشاهدان من أصحاب، العدالة ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ [سورة الطلاق:2] لأن الشهود عند الإنكار بينة.

وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ فيجب على الشهود الإتيان للشهادة؛ حتى لا تضيع الحقوق إذًا الكتابة سبيل لقطع النزاعات المالية، وقد قال العلماء: بأنه يجوز إذا عرف خط، عليه أن يحلف عليه، فإذا نظر في أوراق أبيه بعد موته مثلاً، فرأى فيها أن له حق قد كتبه، فيجوز أن يحلف على خط أبيه عند القاضي، أن لأبيه هذا الحق، إذا عرف خطه، والشهادة رجلان، وفي بعض الأحيان رجل وامرأتان، أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى رجلان يشهدان من أهل العدالة؛ حتى لا تضيع الحقوق، وتنقطع النزاعات المالية، وللشهادة أصول.

وسائل شرعية لقطع النزاعات المالية

00:07:44
وهنالك في القضاء الشرعي خطوات، فمن وسائل قطع المنازعات المالية البينة، والبينة يأتي بها المدعي، فإن النبي ﷺ قد قال: لو يعطى الناس بدعواهم أي واحد يدعي أي شيء يأخذه لادعى أناس أموال قوم ودمائهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، إذًا، المدعي هو الذي يقيم البينة، هل هي خط الآخر، وكتابته، وتوثيقه، وإمضاؤه، وتوقيعه؟ هل هي الشهادة على ذلك؟ ويأتي بشاهديه من أصحاب العدالة، واليمين على من أنكر هذا سبيل آخر لحفظ الحقوق، أن المنكر لن يخرج منها بمجرد النفي والجحد، فلا بدّ أن يكون هنالك مناقشة لتقواه، ودينه، وورعه، وتذكيره بالله، واليوم الآخر، وشهادة الزور، واستحضار خطورة القضية.
وما معنى اليمين الغموس؟ وأنها تغمس صاحبها في النار، وأنك إذا حلفت الآن يمين كذب لتقتطع بها مالاً من حق أخيك المسلم، فإنما تقتطع قطعة من النار، وأن يمينك على ما صدقك به صاحبك، وأن التورية في هذا لا تنفع، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن ما يفهمه المحلوف له من نص اليمين هو الذي عليه المدار، فلو أنك -يا أيها الحالف- وريت، وأخفيت، فإن ذلك لا ينفعك، ويقال للحالف: إن حكم القاضي بغير الحقيقة لا يبيح المال لك، فإن الله يعلم الحقيقة، ولو أنك كنت صاحب لسان، أو حلفت اليمين، ومشى القاضي على ذلك بحسب الظاهر، فإن حكم القاضي لا ينفعك شيئًا عند الله.
ومن الوسائل التي جاءت بها الشريعة لقطع النزاعات الرهن، فيوثق الدين بعين -مثلاً -، كعقار، والله تعالى قال في كتابه: فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ [سورة البقرة:283]، وفائدة الرهن أن المقترض إذا عجز عن الوفاء بيع الرهن بإذن القاضي، واستوفى الدائن دينه، فإن بقي عليه شيء بقي في ذمته، وإن زاد له شيء أخذه، ونمى الرهن لصاحبه، فلو ارتفعت سعره لصاحبه الذي رهنه بطبيعة الحال، وهذا سيكون في مصلحة صاحب الحق أن يأخذ حقه في النهاية، وكل هذه لها إجراءات وأصول في الشريعة، من الذي يبدأ؟ صاحب البينة، فإن لم يكن توجه اليمين على المنكر، فإن اختلفا في مال، هل أقرضه أم لا؟ هل يوجد قرض أصلاً أم لا؟ وليس هناك بينة، فاليمين على المدعي، هو الذي يحلف، فاليمين الأصل أن من دعي عليه ذمته بريئة؛ ولذلك لا يطالب بالبينة، وإنما الآخر، لكن لو أقر بالدين، واختلفا، هل أداه أم لم يؤده؟ فهنا الذي عليه الحق، الأصل أن ذمته مشغولة، ليست بريئة حتى يثبت العكس، فإذًا، هنالك أصول، إذا اختلفا، هل هناك دين أم لا؟ فالأصل أن المدعى عليه ذمته بريئة، إذا اختلفا هل أداه إليه أم لا؟ فيكون هنا المدعى عليه ذمته مشغولة حتى تبرأ؛ لأنه اعترف بالدين، فبقي أن يثبت أنه أداه.
ومن وسائل فض النزاعات، القرعة، وهذه القرعة قد جاء ذكرها في كتاب الله: فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ [سورة الصافات:141]، وقعت القرعة عليه، الاستهام، وهذه القرعة تفيد في حالات.
فمثلاً، لو اختلف الورثة في توزيع عقارات، وزعت إلى مجموعات متشابهة، ثم ضربت القرعة، لكل واحد، أي: المجموعات تكون إليه، وبعد ذلك يتحلل كل واحد من الآخر، فيحلله، ويسامحه، إن كان صارت هنالك زيادة له على حساب أخيه.
وقد ثبت في السنة ضرب القرعة، عندما مات رجل وله ستة عبيد، وليس له مال غيرهم، ووصيته بالعتق لن تنفذ إلا في اثنين منهم؛ لأن الوصية الثلث لا أكثر، فماذا فعل النبي ﷺ؟، قسمهم إلى ثلاث مجموعات، كل مجموعة فيها اثنين، ثم ضرب القرعة من المجموعة التي تعتق، فمن خرجت لهما القرعة  عتقا، وبقي الأربعة في حصة الورثة.
من وسائل فض المنازعات -يا عباد الله- تحديد الأجرة والثمن، فلا يجوز عقد، أي بيع من غير تحديد الثمن، ولا يجوز عقد أي أجرة بغير تحديد الأجرة، ومن ذلك أنك ترى حتى من يستأجرون السيارات للأجرة، إذا لم يحددا الأجرة من بداية المشوار، ويقول واحد للآخر: لا نختلف، والذي يجي منك طيب، أنهما في الغالب  يختلفان، النفوس مجبولة على الشح، هذا يريدها أزيد، وهذا يريدها أنقص، فإذا لم يكن هناك تسعيرة محددة، ولا عرف، يجب أن تحدد الأجرة، ولا يجوز عدم تحديد الأجرة؛ لأن عدم التحديد يفضي إلى النزاع؛ ولذلك لا بدّ من التحديد قبل البدء في العمل.
هذه أصول شرعية جاءت في هذه الشريعة؛ لمنع النزاعات، وكذلك إجراءات لفض النزاعات إذا حصلت، ومن الأصول كذلك: أن الهبة لا ترجع إلى صاحبها، العائد في هبته كالكلب، يعود في قيئه، صوره الشرع بأبشع صورة، وقطع رجوع الهبة إلى صاحبها، إلا الوالد، فيما يهب الولد؛ لأن المال كان ماله، وأنت ومالك لأبيك؛ ولأن الوالد قد يحيف، ويعطي أحد الأولاد أكثر من الآخرين، فيلزمه شرعًا أحد أمرين: إما أن يسحب الهبة من الموهوب له، وإما أن يعوض الآخرين بمثل الذي أعطى الأول؛ ولذلك سمحت الشريعة للوالد بالعودة في هبته.
اللهم إنا نسألك أن تفقهنا في الدين، وأن ترزقنا اتباع سنة سيد المرسلين، وأن تحيينا مؤمنين، وتتوفانا مسلمين، وتلحقنا بالصالحين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:17:27
الحمد لله، أشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له، الحي القيوم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله الطيبين، وذريته، وأزواجه، وخلفائه، وأصحابه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أشهد أنه رسول الله حقًا، سيدنا، وحبيبنا، وقدوتنا، الشافع المشفع يوم الدين،  اللهم اجعلنا من أهل شفاعته، واحشرنا في زمرته، وارزقنا مجاورته في الجنة يا رب العالمين.
عباد الله:

حفظ النزاعات المالية بالضمان والكفالة والصلح

00:18:11
وإن من الوسائل التي جعلتها الشريعة؛ لحفظ الحقوق، وقطع المنازعات، الضمان والكفالة، فيأتي بمن يضمنه ويكفله، وهذه مذكورة في كتاب الله تعالى: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ [سورة يوسف:72] زعيم يعني: كفيل، وقد تكون الكفالة حضورية، فيكفل حضوره، ويكون مسؤولاً عن إحضاره عند طلبه، وقد تكون الكفالة مالية غرمية، فيغرم عنه، ويؤدي بدلاً منه، إذا طولب، وفي هذه نوع ضغط على هذا المكفول، فإنه عادة يأتي بمن يثق به، ويعرف جيداً ماذا سيترتب على هروبه؟ فيكون ذلك أدعى لحضوره، ولا يجوز لمسلم أن يورط مسلمًا، والمكر والخديعة في النار.
وكذلك من وسائل قطع المنازعات في الشرع، الصلح، فيمكن أن ينتهي النزاع صلحًا على أمور، منها: التنازل عن بعض الشروط،كما تنتهي بعض  قضايا الخلافات الزوجية، وكذلك الوصول إلى حل وسط في القيمة المتنازع عليها مثلاً، وكذلك الحط من الدين، فلما جاء كعب بن مالك، وابن أبي حدرد إلى المسجد يختصما، فكشف النبي ﷺ ستر الحجرة لما سمع النزاع، وأشار إلى أحدهما أن يضع النصف، فقال: سمعًا وطاعة يا رسول الله، فقال للآخر: قم فاقضه، قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [سورة النساء:128] فالصلح من أعظم الوسائل التي جاءت في الشريعة لفض المنازعات، ومن تنازل عن شيء لله لا يضيع؛ لأنه سيكسب يوم القيامة أضعاف ما تنازل عنه في الدنيا، وقد قال تعالى فيمن كان ذو عسرة: فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [سورة البقرة:280] وهذا من الأسباب أيضًا.

عباد الله، لو تأملنا الآيات التي جاءت في الإجراءات المالية، وطرق فض النزاع، والأحكام الشرعية المتعلقة، سنجد أنها تنتهي الآيات بتذكير: إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء:1]، تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ [سورة البقرة:229] وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [سورة الطلاق:1] فيها تذكير للعباد بإطلاع الله عليهم، تذكير بعظمته، تذكير بعذابه، تذكير باليوم الآخر؛ لأنالإجراءات مهما كانت فلن تغطي كل الحالات، ولن تمنع كل أنواع الخديعة والاحتيال.

الإجراءات مهما كانت فلن تغطي كل الحالات، ولن تمنع كل أنواع الخديعة والاحتيال.

فماذا بقي في القوانين الأرضية؟ قد تفوت القضية، ويفوت الحق، ولا يأخذ صاحب الحق شيئًا، فقد كان محامي الطرف الآخر ماهرًا في إقناع أعضاء هيئة المحكمة، لكن في الشريعة الإسلامية هناك، مسألة مهمة جدا، وهي قضية الإيمان، وماذا يوجد في اليوم الآخر؟ لكل غادر لواء، يرفع يوم القيامة يقال: هذا غدرة فلان، عذاب وفضيحة؛ لأن هذا تشهير، الغادر هذا عند استه، عند المؤخرة شكل قبيح، وفضيحة مدوية، وليست أمام ألف أو ألفين، ليست مثل فضيحة على الشاشات ملايين، لا، من أول البشرية، من آدم إلى آخر واحد، راعيان من مزينة يسوقان غنمهما آخر من يموت من البشرية، والجن الثقل الآخر مع الإنس، والملائكة حاضرة، وأمام رب العالمين.

فانظر أين يذهب الذي حلف كذبًا؟ والذي سرق أموال الأيتام؟ والذي ادعى زورًا؟ والذي تلاعب؟ والذي احتال؟ لن يفلتوا يوم القيامة، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار الشرع يحفظ الحقوق، ومن الخطوات العظيمة التي جاءت فيه، ضمان المتلفات، عندما يضمن من أتلف القيمة؛ لأن الحق عند الله لا يضيع؛ ولذلك من تأمل في الشرع، وما فيه من الإجراءات؛ لحفظ الحقوق، تتغير نظرته تجاه الشريعة، ويزداد تعظيمًا لله، ويزداد إعجابًا بأحكام الله، ويزداد فخرًا بإسلامه، هذه الإجراءات العظيمة تحتاج إلى من يصونها، ويكفلها، ويقوم بها، ويطبقها في الواقع، ويحترم هذه الأحكام، فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [سورة البقرة:65]، اللهم اجعلنا منقادين لشرعك، آخذين بدينك، مستمسكين بسنة نبيك ﷺ.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الغنى والفقر، ونسألك نعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، اللهم اغفر ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أسرفنا، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تعتق رقابنا من النار، وأن تدخلنا الجنة مع الأبرار، وأن تغفر لنا يا غفار، اللهم اغفر لنا، ولآبائنا، وأمهاتنا، اغفر لنا، ولوالدينا، وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم اكشف الضر عن المستضعفين من المسلمين، اللهم ارحم ضعفهم، اكشف ما نزل بهم من ضر يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، ليس لها من دونك كاشفة، اللهم اكشف عنهم العذاب، اللهم نجهم، اللهم نجهم، اللهم نجهم، اللهم واجعل بلادنا  آمنة مطمئنة، وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلها عامرة بذكرك، محكمة لشرعك، قائمة بأمرك، اللهم اقض ديوننا، واستر عيوبنا، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واجمع كلمة المسلمين على الحق والنور الذي أنزلته، يا رب العالمين.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الصافات:180- 182].